بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
٣٨ - كتاب الحَوَالات
١ - باب فِى الْحَوَالَةِ، وَهَلْ يَرْجِعُ فِى الْحَوَالَةِ؟
وَقَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ إِذَا كَانَ يَوْمَ أَحَالَ عَلَيْهِ مَلِيًّا جَازَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَتَخَارَجُ الشَّرِيكَانِ وَأَهْلُ الْمِيرَاثِ، فَيَأْخُذُ هَذَا عَيْنًا وَهَذَا دَيْنًا، فَإِنْ تَوِيَ لأَحَدِهِمَا لَمْ يَرْجِعْ عَلَى صَاحِبِهِ.
قوله: (وهَلْ يَرْجِعُ في الحَوَالَةِ) والمصنِّفُ أَبْهَمَ في الكلام، ورَاجِعْ له «الهداية»، فقد يجوز رجوعُ المُحْتَالَ على المُحِيلِ في جزئيات، فمن جملة تلك الجزئيات هذه.
قوله: (يَوْمَ أَحَالَ عَلَيْهِ) يعني أنه كان غنيًّا يوم الحَوَالَةِ.
قوله: (يَتَخَارَجُ الشَّرِيكَان) والتَّخَارُجُ (١) بابٌ في السِّرَاجي، وهذا بابٌ في الورثة. والمصنِّفُ وَضَعَهُ بين الشركاء أيضًا، وله وجهٌ أيضًا.
قوله: (هذا عينًا وهذا ديْنًا)، يعني: أَخَذَ واحدٌ منهما الموجودَ، والآخرُ المعدومَ، ويَلْزَمُ فيه الربا في بعض الصور في فِقْهِنَا.
٢٢٨٧ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى الزِّنَادِ عَنِ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَطْلُ الْغَنِىِّ ظُلْمٌ، فَإِذَا أُتْبِعَ أَحَدُكُمْ عَلَى مَلِىٍّ فَلْيَتْبَعْ». طرفاه ٢٢٨٨، ٢٤٠٠ - تحفة ١٣٨٠٣
٢٢٨٧ - قوله: (مَطْلُ) (تال متول).
حكايةٌ: لَقِي الصعلوكُ المجنونُ أبا حنيفة في بعض طريقه مرَّةً، وكان في يده خبزٌ يأكله. فأدَّبه أبو حنيفة، وقال له: أَمَا كنتَ تَجِدُ مكانًا فَتَقْعُدُ فيه، وتأكل طعامك؟ فما أقل صبرك أيها الصعلوك. فأجابه، وأسند في الحال هذا الحديث، وقال: مَطْلُ الغَنِيِّ ظُلْمٌ، يعني به: أن النفسَ جائعةٌ، فإذا ظَفِرْتُ بالخبز وصِرْتُ غنيًا، فحينئذٍ التأخيرُ في الأكل مَطْلٌ وظلمٌ، فتبسَّم منه أبو حنيفة. وكان الصعلوكُ كالبهلول في زمن الرشيد، وهو عندي مَجْذُوبٌ.
(١) قلت: وفي السراجي، في فصل التَّخَارُج: من صَالَحَ على شيءٍ معلومٌ من التركة، فَطَرَحَ سِهَامَهُ من التصحيح، ثم أقسم ما بقي من التركة على سهام الباقيين. كزوج، وأمٍّ، وعمٍّ، فَصَلَحَ الزوجُ على ما في ذمته من المهر، وخرج من البين، فَتُقْسَمُ باقي التركة بين الأمِّ، والعمِّ، أثلاثًا بقدر سهامهما: سَهْمَان للأمِّ، وسهمٌ للعمِّ. اهـ.