للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

باب الحسنات بعشرٍ أمثالها. والذي تبيَّن لي أنَّ أصلَ الثواب، كما عند الترمذيِّ، أي ثواب عتق رقبةٍ، بقولها مرَّة. أمَّا ما عند البخاريِّ: «ثواب عشر رقابٍ»، لقولها مئة مرَّةٍ، فهو حديثٌ آخر، ووعدٌ مُسْتَأْنَفٌ، وفيه سلسلةُ الحسنات، فثوابُ العشر إنَّما هو مع أجورٍ أُخَر من غير هذا النوع (١).

٦٧ - باب فَضْلِ التَّسْبِيحِ

٦٤٠٥ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ سُمَىٍّ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ. فِى يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ حُطَّتْ خَطَايَاهُ، وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ». تحفة ١٢٥٧٨

٦٤٠٦ - حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ عَنْ عُمَارَةَ عَنْ أَبِى زُرْعَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «كَلِمَتَانِ خَفِيفَتَانِ عَلَى اللِّسَانِ، ثَقِيلَتَانِ فِى الْمِيزَانِ،


(١) قلت: هكذا وجدتُ في مذكرتي، ولا أثق بما كَتَبْتُ عند الدرس، فالذي وجدتُ في "الفتح" من هذا الموضع مغايَرٌ لِمَا ذكرناه عن الشيخ. قال الحافظُ بعدما أكثرَ الرواياتِ في هذا الباب، وبسط الكلامَ فيها: إن اختلافَ هذه الروايات في عدد الرقاب، مع اتحاد المَخْرج، يقتضي الترجيحَ بينهما. فالأكثرُ على ذكر الأربعة، ويُجْمَعُ بينه وبين حديث أبي هريرة بذكر عشرةٍ، لقولها مائة، فيكون مقابلُ كل عشر مرَّاتٍ رقبةً، من قبل المضاعفة.
فيكون لكلِّ مرَّةٍ بالمضاعفة رقبةٌ، وهي مع ذلك لمطلق الرقاب. ومع كون وصف الرقبة من بني إسماعيل، يكون مقابلُ العشرة من غيرهم أربعةً منهم، لأنَّهم أشرفُ من غيرهم من العرب، فضلًا عن العجم. وأمَّا ذكرُ رقبةٍ بالإِفراد في حديث أبي أيوب، فشاذٌ، والمحفوظُ أربعةٌ كما بيَّنته هكذا في نسخة "الفتح"، ولعلَّ فيه سهوًا.
ثم ذكر الحافظُ جوابًا آخر عن القرطبي، وحاصلُه: أنه محمولٌ على اختلاف أحوال الذاكرين في القيام بحقِّ هذه الكلمات، ولم نَجِدْ فيه لستِّ رقابٍ روايةً، ولا تعرُّضًا إليه للجمع. أمَّا روايةُ الترمذيِّ في ثواب رقبةٍ من قولها مرَّة، فلم نجدها في ذيل باب فضل التهليل، والذي وجدناه فيه: "من قال في دُبُرِ صلاة الفجر، وهو ثان رجليه، قبل أن يتكلَّم: لا إله إلا الله ... إلخ، عشر مراتٍ كُتِبَتْ له عشرُ حسناتِ ... " إلخ: ص ١٨٥ - ج ٢، وليس فيه ذكرُ عشر رقاب، ولا في روايه من هذا الباب. وكذا فيه سلسلة الأجور، كما في حديث البخاريِّ، سواء بسواءٍ. نعم فيه قيد كونها دُبُرَ الصلوات، وكونه ثَانِيًا رِجْلَيْهِ، وليس هذا في حديث أبي هريرة عند البخاريِّ، فَليُحَرَّر.
ثم يَرِدُ على ما جمع به الحافظ روايةُ البخاريِّ الآتيةُ بُعَيْدَ تلك الرواية من هذا الباب، وفيه: "من قال: عشرًا، كان كَمَن أعتق رقبةٍ من وَلَدِ إسماعيل". ولا ريبَ أن نسبةَ العشرة إلى الرقبة، كنسبة المائة إلى العشرة، فَلَزِمَ أن يكونَ عشرُ رقاب أيضًا من وَلَد إسماعيل. إلَّا أن الحافظَ أخرجه بلفظ مسلمٍ، وفيه بدله: "كان كمن أعتق أربعة أنفسٍ"، وحينئذٍ يَظَهَرُ الجوابُ.
ثم وجدتُ عند الترمذي قُبَيلَ باب فضل التوبة والاستغفار: ص ١٩٢ - ج ٢ عن عِمَارةَ بن شَبِيبٍ السَّبَائي مرفوعًا: "من قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له المُلْكُ، وله الحمدُ، يحيي ويميتُ، وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ، عشر مرَّاتٍ على أثر المغرب، بَعَثَ الله له مُسَلَّحَةً يَحفَظُونَه من الشيطان، حتى يُصْبحَ، وكتب عَشر حسناتٍ موجباتٍ، ومحى عنه عشرَ سيئاتٍ موبقاتٍ، وكانت له بعَدْلِ عشر رقباتٍ مؤمناتٍ". قال الترمذيُّ: هذا حديثٌ حسنٌ غريبٌ. فيمكنُ أن يكونَ الشيخُ أراد هذه الرواية. وبالجملة فَلْيحَرَّر الكلامَ من هذا الموضع.

<<  <  ج: ص:  >  >>