لم يَذْكُر اسمَهُ: أَنَّ الحدَّ فيه ليس بالمعنى المُصْطَلح، بل على حدِّ قوله تعالى:{تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا}[البقرة: ٢٢٩].
قلتُ: وذلك الفاضلُ هو الحافظُ ابنُ تيمية، ولعله لم يَذْكُرهُ باسمِهِ، لأنَّه كان مِنْ كِبَارِ أولياءِ الله، معاصرًا لابن تيمية، وكان ابن تيمية يُشَدِّدُ الكلامَ في أولئكَ، فأحَبَّ أَنْ لا يَذْكُرَ اسمهُ، والله تعالى أعلم بالصواب.
والذي ظهر لي في هذا الباب أَنَّ المسألةَ، كما ذكرها أبو يوسف، لما قد ثَبَتَتْ الزيادة على العشر في غيرِ واحدٍ من الأحاديث، إلا أَنَّ العملَ بِها لا يُسوَّغ، إلا لمُتدين يُراعي حدودَ الله، ويحفظُ أوامرَ الشرع، ولا ينبغي الافتاءُ بها عامة، فَتَبْسُط الظلمةُ أيديَهم، فَيُضَيِّقون أرضَ الله تعالى على النَّاس.
هذا في التعزير، وأما التأديب، فله أَنْ يفعَلَهُ في عشيرَتِهِ بغيرِ إذْنِ السلطان.
٣٠ - باب مَنْ أَظْهَرَ الْفَاحِشَةَ وَاللَّطْخَ وَالتُّهَمَةَ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ
= ومحصل جواب الشيخ، وهو الثاني: أَنَّ التجاوزَ عنها، وإِنْ جازَ في الحُكْمِ، غير أَنَّه نهى عنه مصلحةً، لِئلَا يَتَسَاهلَ فيه أئمة الجَوْرِ، ففيه نصحٌ للأئِمةِ، وَشَفقةٌ على الرَّعِيَّةِ؛ والثالثُ: أجابَ به الشيخُ العيني، أَنَّه في حقِّ من يرتدعُ بالرَّدْعِ، ويُؤثْرُ فيه أَدْنَى الزَّجْرِ، كأشرافِ النَّاس، وأَشْرَافِ أَشْرَافِهم، وأمَّا السَّفَلة، وأسقاط الناس، فلا يُؤَثِّرُ فيهم عشرُ جَلْدَات، ولا عشرونَ، فَيُعزِّرُهم الإِمامُ بِقَدْرِ ما يَرَاهُ، اهـ: ص ٦٦٨ - ج ٥. وكأني أَرَى أَنَّ مَرْمَى الكلِّ هو ما ذكَرَهُ الشيخ، فالعباراتُ شَتَّى، وحسنك واحد، أَعْني النَّهي عن التَّعدي، والجَوْرِ على الخُلْقِ، وإذن هو مِن قَبيل النَّهي، سدًا للذَّرَائِع، واللهُ تعالى أعلمُ بالصَّواب.