ولقد سَبَرت أبناءَ الزمان أن همَّهم في ضبط الألفاظ، وبيان السنين أكثرُ من همِّهم باقتناص أغراض الشارع، والخوض في لُجَجِ الأحاديث، والوصول إلى مراده. نعم! إنما يهتمُّ بها من كان أراد أن يفتح بابًا من العمل، وإنما كُنْتُ أريد أن أُلَخِّصَ لك بعضَ أشياء من الروح، لتَعلَمَ أنه ليس مما يَفتَخِرُ به الإِنسانُ، وأيُّ افتخارٍ في نقل كلمات القوم. غير أنِّي عَرَفْتُ أنه لا يَلِيقُ بهذا المختصر، وَيطُولُ به الكتاب فوق ما كنت أَحْزرُه، مع أنه أمرٌ قد فُرغَ عنه. وقد ذَكَرَ بعضَه أصحابُ الحواشي أيضًا، ففيه كفايةٌ، فاعلمه. ثم إني سَلَكتُ مسلك الإِجمال في أحاديث من غير هذا الباب أيضًا، لأنِّي قد تكلَّمت عليها مرَّةٌ فيما مرَّ، فَسَئِمْت من التكرار على أن الإِنسانَ إذا بَلَغَ المنزلَ، أو كاد أن يَبلُغَ تَعِبَ. (٢) هكذا ذكره الحافظ في "الفتح" ثم اعلم أنهم اختلفوا في عدد الغزوات والسَّرَايَا، وكذا في عدد الغزوات التي قاتل فيها النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه اختلافًا شديدًا، وتعرَّض إليه الحافظُ، مع بيان وجه الجمع بينها، فراجعه.