للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

٦٤ - كتاب المَغَازِي (١)

١ - باب غَزْوَةِ الْعُشَيْرَةِ أَوِ الْعُسَيْرَةِ

وقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: أَوَّلُ مَا غَزَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الأَبْوَاءَ، ثُمَّ بُوَاطَ، ثُمَّ الْعُشَيْرَةَ.

٣٩٤٩ - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا وَهْبٌ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ كُنْتُ إِلَى جَنْبِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، فَقِيلَ لَهُ كَمْ غَزَا النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ غَزْوَةٍ قَالَ تِسْعَ عَشْرَةَ. قِيلَ كَمْ غَزَوْتَ أَنْتَ مَعَهُ قَالَ سَبْعَ عَشْرَةَ. قُلْتُ فَأَيُّهُمْ كَانَتْ أَوَّلَ قَالَ الْعُسَيْرَةُ أَوِ الْعُشَيْرُ. فَذَكَرْتُ لِقَتَادَةَ فَقَالَ الْعُشَيْرُ. طرفاه ٤٤٠٤، ٤٤٧١ - تحفة ٣٦٧٩ - ٩١/ ٥

واعلم أن الغزوةَ: ما شهدها النبيُّ صلى الله عليه وسلّم بنفسه المباركة، وإلَاّ فهي سَرِيَّةٌ. ولا يَلْزَمُ فيها وقوعُ الحرب، بل يكفي الخروج لإِرادتها. ثم المرادُ (٢) بالمغازي ههنا أعمُّ من أن


(١) واعلم أن الشيخَ تكلَّم في "المغازي" بما يُنَاسِبُ شأن الدرس، وذكر أشياءَ تمشيةً للمقام فقط. ولم يُرِد الفصلَ فيما دار بينهم من الاختلاف في وجوهها وسنينها، فإن هذا أمرٌ قد فَرَغَ عنه أربابُها. وإنما عرَّج ههنا إلى بعض المباحث الحديثية، وكان عنده علمٌ من تلك الأشياء ما لو بسطها ودَخَلَ فيها، ما أتمَّهَا في سنين. وقد سَمِعْتُ منه مرَّةً قطعةً تاريخيةً حين جاءه بعضُ العلماء، وسَأَلَ عن بعض تلك الشؤون، فجعل يَسْرُدُ عليه ارتجالًا جملةَ ما قيل فيه وُيقَالُ حتى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، وقُمْنَا إلى صلاة المغرب. وقد كان شَرَعَ فيها بعد صلاة العصر، فلم يَسْتَتِمَّها في تلك المدَّة. وهكذا سَمِعْتُ منه قطعاتٍ من التاريخ القديم والحديث، ما يتحيَّرُ منه الإِنسانُ. أمَّا شؤون السِّيَر، والمغازي، فتلك كانت فنَّهُ.
ولقد سَبَرت أبناءَ الزمان أن همَّهم في ضبط الألفاظ، وبيان السنين أكثرُ من همِّهم باقتناص أغراض الشارع، والخوض في لُجَجِ الأحاديث، والوصول إلى مراده. نعم! إنما يهتمُّ بها من كان أراد أن يفتح بابًا من العمل، وإنما كُنْتُ أريد أن أُلَخِّصَ لك بعضَ أشياء من الروح، لتَعلَمَ أنه ليس مما يَفتَخِرُ به الإِنسانُ، وأيُّ افتخارٍ في نقل كلمات القوم. غير أنِّي عَرَفْتُ أنه لا يَلِيقُ بهذا المختصر، وَيطُولُ به الكتاب فوق ما كنت أَحْزرُه، مع أنه أمرٌ قد فُرغَ عنه. وقد ذَكَرَ بعضَه أصحابُ الحواشي أيضًا، ففيه كفايةٌ، فاعلمه. ثم إني سَلَكتُ مسلك الإِجمال في أحاديث من غير هذا الباب أيضًا، لأنِّي قد تكلَّمت عليها مرَّةٌ فيما مرَّ، فَسَئِمْت من التكرار على أن الإِنسانَ إذا بَلَغَ المنزلَ، أو كاد أن يَبلُغَ تَعِبَ.
(٢) هكذا ذكره الحافظ في "الفتح" ثم اعلم أنهم اختلفوا في عدد الغزوات والسَّرَايَا، وكذا في عدد الغزوات التي قاتل فيها النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه اختلافًا شديدًا، وتعرَّض إليه الحافظُ، مع بيان وجه الجمع بينها، فراجعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>