للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٨٤٤ - قوله: (حتى قاضاهم)، به استدل الشافعية على أنَّ عمرةَ القضاءِ بمعنى الصلح، لا بالمعنى المقابل للأداء.

١٨ - باب دُخُولِ الْحَرَمِ وَمَكَّةَ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ

وَدَخَلَ ابْنُ عُمَرَ. وَإِنَّمَا أَمَرَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - بِالإِهْلَالِ لِمَنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، وَلَمْ يَذْكُرْ لِلْحَطَّابِينَ وَغَيْرِهِمْ.

١٨٤٥ - حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ حَدَّثَنَا ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - وَقَّتَ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ ذَا الْحُلَيْفَةِ، وَلأَهْلِ نَجْدٍ قَرْنَ الْمَنَازِلِ، وَلأَهْلِ الْيَمَنِ يَلَمْلَمَ، هُنَّ لَهُنَّ وَلِكُلِّ آتٍ أَتَى عَلَيْهِنَّ مِنْ غَيْرِهِمْ مِمَّنْ أَرَادَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ، فَمَنْ كَانَ دُونَ ذَلِكَ فَمِنْ حَيْثُ أَنْشَأَ، حَتَّى أَهْلُ مَكَّةَ مِنْ مَكَّةَ. أطرافه ١٥٢٤، ١٥٢٦، ١٥٢٩، ١٥٣٠ - تحفة ٥٧١١

١٨٤٦ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - دَخَلَ عَامَ الْفَتْحِ، وَعَلَى رَأْسِهِ الْمِغْفَرُ، فَلَمَّا نَزَعَهُ جَاءَ رَجُلٌ، فَقَالَ إِنَّ ابْنَ خَطَلٍ مُتَعَلِّقٌ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ. فَقَالَ «اقْتُلُوهُ». أطرافه ٣٠٤٤، ٤٢٨٦، ٥٨٠٨ - تحفة ١٥٢٧

قد علمت ما فيه من المذاهب، وكذا الجواب عن استدلال الخصوم. ولعل المصنفَ اختار مذهب الشافعية. ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلّم في فتح مكة: «ولا يحل لأحدٍ بعدي» (١) ... إلخ، فهو عندي في القتالِ والدخولِ بلا إحرام كليهما، فإنَّه دخلها، وعلى رأسه المغفر لأنه لم يكن محرمًا يومئذٍ، ولذا أعلن أنه من خصائصه في ذلك اليوم، ولا يحل لأحد بعده أن يقاتل بها. ويدخلُ فيه دخوله بدون إحرام عندي، فكان الأمران خاصةً له في ذلك اليوم.

١٨٤٥ - قوله: (من أراد الحج والعمرة) ... إلخ، قلتُ: ولما كان الحجُّ والعمرةُ واجبين في العُمْر مرةً، ولم يكن لهما وقتٌ معينٌ في هذه السنة، أو هذه السنة، ناسبَ لفظ الإِرادة، فلا يدل على عدم وجوب الحج والعمرة، بل الإِرادةُ بحَسَب الانتشار في زمن أدائهما. فمن أراد أن يحج في هذا العام حجَّ، ومن أراد أن يحج من قابلٍ، فله في ذلك أيضًا سَعة. وحينئذ لَطُف فيه لفظ الإِرادة جدًا.


(١) قال ابن العربي في "العارضة": إن قوله: من أراد الحج والعمرة يقتضي أن من دَخَلها لحاجة، لا يريد الحجَّ والعمرة، لا يحرم. ولمالك في ذلك روايتان. وللشافعي قولان. وأبو حنيفة صرَّح أنه لا يدخلها إلا حَرَامًا، ولو كان من أهلها، ولو كان الكل من الخلق سواء، لما خصَّ مريدَ الحج والعمرة بالبيان في وقت الحاجة. وعمدتهم قوله: "لم تحل لأحد قبلي، ولا تحل لأحدٍ بعدي، وإنما أُحِلت لي ساعة من نهار" ... إلخ، لم يرد به حل القِتَال، لأنه حلالٌ له أبدًا، بل واجب، وكذلك غيره، فدل على أنه أراد بما اختص به من ذلك حلّ الإِحرام.
ولتعارض الأدلة اختلفَ قول العلماء، والاحتياط للإحرام. إلا من كَبُرَ دخولُه، فيرتفع للمشقة. والله تعالى أعلم بالصواب.

<<  <  ج: ص:  >  >>