٢٥٧٥ - قوله:(وَترَك الضَّبَّ تقدُّرًا) - والضَّبْ بالفارسية سوسمار وفي الهندية كوه؛ وهو مكروهٌ تحريمًا عند فقهائنا، وتنزيهًا عند المحدثين، ولعل ذلك لاختلاف الروايات في أَكْلِه وترْكه، والمختارُ عندي قولُ الفقهاء، لأنه من أَخْبثِ الحيواناتِ، مع أنه ذُو سُمَّ؛ وسياقُ الأَحاديث عند مُسْلِم يَدُلُّ على أن الأَمْرَ انتهى (١) فيه إلى التَّرْك، فراجعه، عن أبي سعيدٍ، أن أعرابيًا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال: إن في غائط مضبة، وأنه عامةُ طعامِ أهلي، قال: فلم يُجِبه، قلنا: عاوِدْه، فلم يُجِبه ثلاثًا، ثم ناداه رسولُ الله صلى الله عليه وسلّم في الثالثةِ، فقال:«يا أعرابيُّ، إنَّ الله عزّ وجل لَعَنَ وغَضِب على سِبْط من بني إِسْرائيل، فمسخَهم دوابًّا، يدبون في الأرض؛ فلا أدري لعل هذا منها، فَلَسْتُ آكُلها، ولا أنهى عنها»، اهـ؛ وفيه دليلٌ على الكراهةِ، وإن لم يكن نَهى صراحةً، لعدم النص فيه.
وكذا عند أبي داود، والنَّسائي، قال: فشويتُ منها ضَبًّا، فأتيت به رسول الله صلى الله عليه وسلّم فوضعته بين يديه، قال:«فأخذ عودًا فَعَدَّ به أصابِعَه، ثُم قال: إنَّ أُمّةً من بني إسرائيلَ» ... الخ، وأخرج الزَّبْلِعيّ نحوه عن «مسند» أحمد، واحتج محمدٌ على الكراهةِ بحديث عاشةَ، وأخرج الطحاوي أيضًا في «معاني الآثار» أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم أُهِدي له ضَبَّ، فلم يأكله؛ فقام عليه سائلٌ، فأرادت عاشةُ أن تُعْطِيه، فقال لها النبيُّ صلى الله عليه وسلّم «أتعطيَنُ مالا تأكلين؟ قال محمد: فقد دلَّ ذلك على أن رسول الله صلى الله عليه وسلّم كَرِه لنفسه، ولغيره أَكَلَ الضَّبّ (٢).
قوله:(ما أُكِل على مائدةِ رسول الله صلى الله عليه وسلّم) ... الخ، وتسامح فيه الراوي، فإِنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لم يأكل على مائدةٍ، والصوابُ في ترجمته "كات كى سينى" أي التبسي من الخشب، وليست ميز وتبائى كما قالوا، نعم تُطْلُقُ عليه مجازًا.
ولا تُشْترط المساواةُ بين الازواجِ، فيما يُهدَى إليه، هكذا كنت أَجَبْتُ عند الاستفتاء (٣).
[مسألة]
اعلم أن كُفَّارَ الهند لا يُورثون البناتِ، فما في أيديه لا يكون إلا عَصْبًا، فهل يجوزُ بناهُ المسجد على أرضٍ أخذناها منهم؟ قلت: وهو جائزٌ، والخلاف فيه يُبنى على كَوْنِهم مُخاطِبين بالفُروع أم لا.