للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ولو وجدت لقطعت بها، وإن كانت شاذة، ولكني لم أجد مع التتبع الكثير، وأما ما وقع في نظم ابن وهبان، فزعمَه بعض العلماء أنه مرويٌ عن الشيخين موافق محمد، والحال أنه ليس مراده ما زعموه، بل مراده أن وقوعَ الطلاق مروى عن الثلاثة، لا حكم النهي على القدر القليل من الأشربة، فادره، فإنه زل فيه الأقدام، ومن نظم ابن وهبان قوله:

* ويمنع عن بيع الدخان، وأوقعوا ... طلاقًا لمن من مسكر المحب يسكر،

* وعن كلهم يروى، وأفتى محمد ... بتحريم ما قد قل، وهو المحرر

وزعموه أن المروى عن الكل تحريم ما قد قل، والحال أنَّ المروىَ هو وقوع الطلاق.

[واقعة]

في «شرح الهداية» أن أبا حفص الكبير أفتى بحرمة النبيذ، فقيل له: خالفت أبا حنيفة، فقال: ما خالفته، فإنَّه يحرمُ إذا كان للتلهي، وأهل الزمان يشربونه على التلهي.

واعلم أنّ ما ذكرتُ من حجج الحنفية أكثر مما ذكره مصنفونا، ومع ذلك أعترفُ أنَّ العمل ينبغي بما قال الجمهور، ومحمد بن الحسن، وأعلى ما وجدت عن أبي حنيفة، وأبي يوسف ما في شروح «الهداية» قال أبو حنيفة: لو أعطيت جميع ما في الدنيا، ومثلها لأشرب قطرة نبيذ، فلا أشربه، فإنَّه مختلفٌ فيه، ولو أعطيت جميع ما في الدنيا لأحرم النبيذ، لا أحرمه، لأنه مختلف فيه. هذا أعلى ما في الباب، وأعلى ما يشفي الصدور، وعن أبي يوسف (١) ما رواه أبو جعفر النَّحاس في كتاب «الناسخ والمنسوخ» قال أبو يوسف: وفي نفسي من هذه الفُتيا، كأمثال الجبال، ولكن عادة البلد، - أي الكوفة - هذا، والله أعلم، وعلمه أتم.

وراجع «المبسوط» من - الرابع والعشرين -، قوله: «كل مسكر حرام». قال صاحب «الهداية»: إن ابن مَعِين قدحَ في هذه الجُملة. قال الزيلعي: لم أجد قدحَ ابن مَعِين، ومر


(١) يقول الجامع عفا الله عنه: قال الحسن بن مالك: سمعت الشافعي يسأل أبا يوسف، هل في نفسك شيء من النبيذ؟ فقال أبو يوسف: كيف لا يكون في نفسي شيء من النبيذ، وقد اختلف فيه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم! وفي نفسي منه مثل الجبل، قال الحسن بن أبي مالك: إذا وضع النبيذ، وأراد الشاربُ أن يسكرَ منه، فالقليل منه حرام، كالكثير، وهو قول أبي حنيفة اهـ. "مسند الخوارزمي" ص ٢٠٧ - ج ٢؛ قلت: وفيه دليل على أن شرب القليل إذا كان للسكر فهو أيضًا حرامٌ، عند أبي حنيفة، وهو تأويل حسن، لما رُوي في الأحاديث من النهي عن القليل والكثير، وفيه عن ابن عباس قال: حرمت الخمرَ قليلها وكثيرها، وما بلغ السكر من كل شراب اهـ. ص ٢٠٧ - ج ٢؛ قال المارديني: قال ابن حزم: صحيح، وفي "التهذيب" للطبري عن ابن عباس، قال: حرم الله الخمرَ بعينها، والسكر من كل شراب. اهـ مختصرًا ص ١٨٩ - ج ٢ "الجوهر النقي".

<<  <  ج: ص:  >  >>