للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[فائدة]

واعلم أنَّ الحافِظُ بُرهان الدِّين الحلبي الحنفي يقالُ له: ابنُ السِّبْط العجمي أيضًا، وهو متأخِّرٌ عن الزَّيْلعي بقليل. وهذا الذي كان الحافِظ ابنُ حجر فَوَّض إليه جميعَ كُتُبه ليستفيدَ منها ما شاء، إلا أنَّ مصنَّفاتِه ضاعت في زمن تيمر، وكان الظالم أَحْرَقها بين عَيْنيه، ليزيدَه حُزْنًا وحَسْرةً، فإِنَّا وإنّا إليه راجعون.

٥١ - باب التَّزْوِيجِ عَلَى الْقُرْآنِ وَبِغَيْرِ صَدَاقٍ

٥١٤٩ - حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ سَمِعْتُ أَبَا حَازِمٍ يَقُولُ سَمِعْتُ


= فقال يحيى عن ابن القاسم: لا يجوز، ولا نراه على أنه إن نزل مضى، ولا حَدّ منه. وقال الشافعي: جاز ذلك في تقسيم القرآن. والصحيح جوازُه بالتعليم، لأنَّ قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فما معك"، يريد العِوض. وفي رواية أبي داود: معي سورةُ البقرة، والتي تليها. وقد روى يحيى بن مضر عن مالك بن أنس في الذي أمره النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أنْ يَنْكح بما معه من القرآن، أن ذلك في أُجرته على تعليمها، وبذلك جاز أَخْذ الأجرة على تعليمه، وهذا المعنى الثالث عشر، وبالوجهين قال الشافعي، وإسحاق. وإذا جاز أن يُؤخذ عنه العِوض جاز أن يكون عِوضًا، وقد أجازه مالِك من هذه الجهة، فلزمه منسوخٌ بقوله: "لا نِكاح إلا بولي، وشاهدي عَدل"، وهذه سَقْطة، أين شروط النّسخ؟ كلُّها معدومةٌ: هذا الحديث صحيح، والذي ذكره باطل. ولا نعلمُ - لو كان صحيحًا - المتقدِّم من المتأخر، ولا تعارُض بينهما، فكيف يُطلق لسانَه فيما لم يُحكم بيانه، ولا أَوضح برهانه.
والسادس عشر: ما رُوي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نظر في صِفته، فلما رآه مُسلمًا قد جمع من القرأن جُمْلة، زَوَّجه منها فعرَّس، وأرجأ الصَّداق إلى المَيسرة، وهذا حَسَنٌ، إلا أن الظاهر يخالِفُه.
السابع عشر: معنَى، ذكرَ أبو عيسى حديث في عِتق النبي - صلى الله عليه وسلم - صَفِيّة، وجعل عِتقها صَدَاقها، قال به أحمد بن حنبل. قنا له: قيل للراوي: ما أمهرها؟ قال: أمهرها نَفْسَها. أخبرنا ابن الطيوري: أخبرنا الدارقطني: أخبرنا يحيى بنُ إسماعيل، ومحمد بن مخلد: حدثنا علي بن أحمد السَّواق: حدثنا بشر بن موسى عمن يعْتق جاريته، ثم يتزوّجها، فقال: ألم يعتق رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - صفيةَ بنت حيي بن أخطب، وخوَيريةَ بنتَ الحارث بن أبي ضِرار، وجعل عِتقها مهرَها، وتزوجها، وأنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قد خُصّ في النكاح والنساء باتفاق مِنّا ومنك بمعانٍ لا تجوز لغيره، فلا يَحِل لأحد أن يأجز في النكاح للنبيِّ، فهو له جائز، وأما في غير ذلك فهو أُسوة.
الثامن عشر: كانوا يقولون في الحديث الصحيح: "إنّ مَنْ تزوّج معتقةً، كمن رَكِب دابته"، وهذا صحيح من وَجْه، ويلزم لو قلنا يركبها بغير صَداق، وأما إذا قلنا بوجوب الصَّداق، فقد خرج عن هذا التمثيل، وصار المعتِق كأَحَد المسلمين. وإنما يلزم ذلك لأي أَحَدٍ لزومًا لا محيص عنه، فإِن أراد أن يخرج عن ذلك بِفِعْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فالنبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، مخصوصٌ، وحديث أبي موسى يقتضي أن زواجَ الأمة المعتقة فيه فَضْل كبير، والذي يُرتِّب عليه أَجره مرتين في هذه المسألة.
التاسع عشر: في وجوب التَّضعِيف، وذلك كأنَّ مَن أَدّى من العباد حَق الله تعالى آتاه الله أَجره المعلومَ بأَضْعافه، فإِذا جاء به العبدُ، ولم يُقصِّر في شيء من حَق مولاه، أعطاه الله على وفائه بحق مولاه، مِثل ما يعطيه على وفائه بحقِّ رَبِّه بأضعافه، كل ذلك في الماليين، فافهمه.
الموفى عشرين: هذا كلُّه يدلُّ على تأكيدِ الصَّداق، وقَصْده، وجَعْله أصلًا في العقد، ولو لم يكن له خَطَر ما كان عليه هذا الأَمْرُ كُله مبنيًا. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>