والسادس عشر: ما رُوي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نظر في صِفته، فلما رآه مُسلمًا قد جمع من القرأن جُمْلة، زَوَّجه منها فعرَّس، وأرجأ الصَّداق إلى المَيسرة، وهذا حَسَنٌ، إلا أن الظاهر يخالِفُه. السابع عشر: معنَى، ذكرَ أبو عيسى حديث في عِتق النبي - صلى الله عليه وسلم - صَفِيّة، وجعل عِتقها صَدَاقها، قال به أحمد بن حنبل. قنا له: قيل للراوي: ما أمهرها؟ قال: أمهرها نَفْسَها. أخبرنا ابن الطيوري: أخبرنا الدارقطني: أخبرنا يحيى بنُ إسماعيل، ومحمد بن مخلد: حدثنا علي بن أحمد السَّواق: حدثنا بشر بن موسى عمن يعْتق جاريته، ثم يتزوّجها، فقال: ألم يعتق رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - صفيةَ بنت حيي بن أخطب، وخوَيريةَ بنتَ الحارث بن أبي ضِرار، وجعل عِتقها مهرَها، وتزوجها، وأنّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قد خُصّ في النكاح والنساء باتفاق مِنّا ومنك بمعانٍ لا تجوز لغيره، فلا يَحِل لأحد أن يأجز في النكاح للنبيِّ، فهو له جائز، وأما في غير ذلك فهو أُسوة. الثامن عشر: كانوا يقولون في الحديث الصحيح: "إنّ مَنْ تزوّج معتقةً، كمن رَكِب دابته"، وهذا صحيح من وَجْه، ويلزم لو قلنا يركبها بغير صَداق، وأما إذا قلنا بوجوب الصَّداق، فقد خرج عن هذا التمثيل، وصار المعتِق كأَحَد المسلمين. وإنما يلزم ذلك لأي أَحَدٍ لزومًا لا محيص عنه، فإِن أراد أن يخرج عن ذلك بِفِعْلِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فالنبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، مخصوصٌ، وحديث أبي موسى يقتضي أن زواجَ الأمة المعتقة فيه فَضْل كبير، والذي يُرتِّب عليه أَجره مرتين في هذه المسألة. التاسع عشر: في وجوب التَّضعِيف، وذلك كأنَّ مَن أَدّى من العباد حَق الله تعالى آتاه الله أَجره المعلومَ بأَضْعافه، فإِذا جاء به العبدُ، ولم يُقصِّر في شيء من حَق مولاه، أعطاه الله على وفائه بحق مولاه، مِثل ما يعطيه على وفائه بحقِّ رَبِّه بأضعافه، كل ذلك في الماليين، فافهمه. الموفى عشرين: هذا كلُّه يدلُّ على تأكيدِ الصَّداق، وقَصْده، وجَعْله أصلًا في العقد، ولو لم يكن له خَطَر ما كان عليه هذا الأَمْرُ كُله مبنيًا. اهـ.