أي أن المسجدَ وأن بُنى للصلاة لكن العلمَ والفتوى أيضًا من أمور الآخرة (١)، فيجوز أيضًا. والقضاء أيضًا يجوز عندنا دون الشافعي رحمه الله تعالى، لأنه ذكر وإقامةُ الحدِّ لا يجوز أنه من المعاملات، ويجوز تعليمُ الأطفال إذا لم يأَخذ عليه أجرًا.
١٣٣ - قوله:(إن رجلًا قام ... الخ) خرج من المدينة يوم السبت وبيَّنَ مسائل الميقاتِ يوم الجمعة قبلَ السفر.
قوله:(يهل من ذي الحليفة) وفي «الموطأ» لمحمد أن المدني لو مر على ذي الخليفة وأحرم من الجُحفَة لا يكون جنايةً، فدل على أنه إذا أحرمَ من أبعدِ الميقاتين فلا جناية عليه بمروره على أقربه بدون الإِحرام، وهذه مسألةٌ لم تذكر في عامة كتب الفقه.
قوله:(ذات عرق) قال الشافعية: إنها وقتها الفاروقُ الأعظم رضي الله عنه. وقلنا: بل وقتها النبي صلى الله عليه وسلّم من قبل، غير أنه اشتهر في زمن عمر رضي الله عنه، لأنه ظهرت الفتوح في زمنه وانتشرَ المسلمون في البلاد.
٥٤ - باب مَنْ أَجَابَ السَّائِلَ بِأَكْثَرَ مِمَّا سَأَلَهُ
أي لا حرج فيه، بل هو من المحسنات. وإنما تعرَّضَ في الجواب إلى ذِكرِ ما لا يجوز ولم يتعرض إلى ذكر الجائزات لكونه أخضَرَ وأنفع.
١٣٤ - قوله:(القميص) والضابطة فيه: أن كلَّ ثوبٍ مخيطٍ مُستمسِكٍ على الجسد بدون شد ولا يَلبَسه المحرمُ، وإن لم يجد الإِزار يجوزُ السراويل ويتخذه إزارًا، وإذا لم يجد النَّعلين يقطعُ الخفَّ أسفل من الكعبين. وقال الحنفية رحمهم الله تعالى: الممنوع في الإِحرام الطيب، وفي الإِحداد الزِّينة. وراجع المسائل من الفقه.
...
(١) وفي "الخيرات الحسان": أن الثوري كان أصغرَ سنًا من الإِمام أبي حنيفة رحمه الله، فدخل عليه مرة وهو يُذاكر مع أصحابه بِرَفْع الصوت، فقال له الثوري: رفع الصوت في المسجد؟ فقال له الإِمام رحمه الله تعالى: أن هؤلاء لا يفهمون إلاّ به، وظاهره أن الإِمام أجازه. وفي "النظم" لابن وهبان: لا، ويفسقُ مُعتادُ المرور بجامع، ومَنْ علَّم الأطفالَ فيه ويؤزر. وظاهره أن الأطفالَ في المسجد فسوق، ثم رأيتُ شرحَهُ لابن الشِّحْنة: أن المراد منه التعليم بالأجرة، وله شرح آخر للشّرنُبلالي إلّا أني لم أجده.