للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ههنا ظَهَرَ وجهُ إنفاق الزَّوْجَيْن، كما سيجيء (١).

١٨٩٧ - حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْمُنْذِرِ قَالَ حَدَّثَنِى مَعْنٌ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِى سَبِيلِ اللَّهِ نُودِىَ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ يَا عَبْدَ اللَّهِ، هَذَا خَيْرٌ. فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ دُعِىَ مِنْ بَابِ الصَّلَاةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ دُعِىَ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ دُعِىَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ دُعِىَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ». فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - بِأَبِى أَنْتَ وَأُمِّى يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا عَلَى مَنْ دُعِىَ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ، فَهَلْ يُدْعَى أَحَدٌ مِنْ تِلْكَ الأَبْوَابِ كُلِّهَا قَالَ «نَعَمْ. وَأَرْجُو أَنْ تَكُونَ مِنْهُمْ». أطرافه ٢٨٤١، ٣٢١٦، ٣٦٦٦ - تحفة ١٢٢٧٩

١٨٩٧ - قوله: (من أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ في سبيل الله، نُودِيَ من أبواب الجَنَّة)، والمعنى في إنفاق الزَّوْجَيْن: الفرقُ بين العادة والعبادة، فإنه إذا أَنْفَقَ شيئًا مرَّةً، لم يَدُلَّ على أنه أَنْفَقَه عادةً، فإذا أَنْفَقَهُ ثانيًا عُلِمَ أن من عادته الإِنفاق، فاعْتُبِرَ به، وعُدَّت له عبادة. ثم إن الإِنفاقَ مَرَّتين وإن لم يَدُلَّ على كونه عادةً له في نفس الأمر، إلا أنه اكتفى به رحمةً على عباده، فكأنه إذا تكرَّر عنه الفعل، فقد دَخَلَ في حد العادة. والمرء إذا اعتاد الأنفاق في سبيل الله، تأكدت جهةُ عبادته. فإنه يدل على الاعتياد بها، فَيَحْصُلُ له الأجرُ تامًّا. ومن ههنا ظَهَرَ وجهُ كونه ميزانًا للدُّخول في الجنة.

قوله: (فَهَلْ يُدْعَى أحدٌ من تلك الأبْوَابِ) ... إلخ، واعلم أن من كان فيه خُصُوصِيَّةٌ ظاهرةٌ في عملٍ، فهو اليوم أيضًا كثيرٌ. أمَّا من كان جامعًا للخصائص، ومُبَارِزًا في كل ميدان، فذلك قليلٌ أو أقلُّ قليلٍ. فهذا الذي أراده أبو بكر. والله تعالى أعلم بالصواب.

٥ - باب هَلْ يُقَالُ: رَمَضَانُ أَوْ شَهْرُ رَمَضَانَ، وَمَنْ رَأَى كُلَّهُ وَاسِعًا

وَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ». وَقَالَ «لَا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ».

١٨٩٨ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِى سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ». طرفاه ١٨٩٩، ٣٢٧٧ - تحفة ١٤٣٤٢


(١) قلت: ويفسِّرُه ما عند النَّسائي عن أبي ذَر، قال: "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما من مسلم يُنْفِقُ من كلِّ مالٍ له زَوْجَيْن في سبيل الله، إلَّا استقبلته حَجَبَةُ الجنة، كلهم يَدْعُوه إلى ما عنده. قلت: وكيفَ ذلك؟ قال: إن كانت إبلًا فبعيرين، وإن كانت بقرةً فبقرتين". اهـ. وقال الحافظ التُّورِبِشْتي: فَسَّرَ قوله: "زوجين": بدِرْهَمَين، أو دِينَارَيْن، أو مُدَّيْن من طعامٍ، وبما يُضَاهي تلك الأشياء.
قلت: ويُحْتَمَلُ أن يُرَادَ به تكرار الإِنفاق مرَّةً بعد مرَّةٍ، ففسَّر الإِنفاقَ بما يُنْفِقُهُ. لأنه إذا أنْفَقَ درهمًا في سبيل الله، ثم عاد فأَنْفَقَ آخر يَصِيرُ زَوْجَيْن. ومعنى الكلام: الإِنفاقُ بعد الإِنفاق، أي يتعوَّدُ ذلك ويتَّخِذُه دَأْبًا. انتهى من باب فضل الصدقة من "شرح المصابيح". قلت: وهذا الثاني هو الذي أراده الشيخُ رحمه الله تعالى، والله تعالى أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>