وفيه ثلاثةُ أقوالٍ عندنا: قيل: إن ضَمَّ لسورة يُوجِبُ سجدة السهو، وقيل: لا يُوجِب بل يُكْرَه، وقيل: لا يُسَنُّ ولا يُكْرَه، وهو قول فخر الإسلام، هو المختار عندي.
١٠٨ - باب مَنْ خَافَتَ الْقِرَاءَةَ فِى الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ
وفي إسناده أبو نُعَيْم: وهو ابن دُكَيْن، وله قصة: وهي أن أحمد بن حنبل وابن معين رحلا إلى عبد الرزَّاق في اليمن ليأخذا منه الأحاديث، فتبعهما رجلٌ كان أدون منهما، فلمَّا رَجَعَا عنه، قال ابن معين: أريد أن أَحْضُرَ أبا نُعَيْمٍ فأجرِّب حفظه، هل تغيَّر أو لا؟ وقد كانا أخذا منه أحاديث قبل ذلك، فجمع ابن معين ثلاثين حديثًا من أحاديثه، وأَدْخَلَ بعد كل عشرٍ منها حديثًا من غيره لم يُحَدِّث به أبو نُعَيْم، لينظر أنه هل يعرف حديثه من غيره أو لا؟ فقال له أحمد ابن حنبل رحمه الله تعالى لا تَخْتَبِرْه، فإنه على حفظه، فأبى ابن معين إلا أن يفعله، حتى جعل يُلْقِي عليه حديثًا حديثًا، فكلما يَبْلُغُ إلى العاشرة، يقول أبو نُعَيْم: ليس هذا من حديثي. فلمَّا بَلَغَ الموضع الثالث، عرف أبو نُعَيْم أنه اختبره، فقال لأحمد بن حنبل رحمه الله تعالى: أما هذا فأورع من ذلك، وللذي تبعهما: أمَّا هذا فأصبر من ذلك، ولا أراك إلا أنت يا ابن معين، وضرب صدره برجله. فقال له أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى:: ألم أقل لك إنه على حفظه كما كان.
ثم ابن معين كان حنفيًا كما مرَّ، ومن مقالته: إنا نتكلَّم في رجالٍ قد ضربوا الأخبية في الجنة قبلنا بمئتين، ولمَّا بَلَغَتْ أبا حاتم مقولتُه هذه، أطبق الكتاب، وما زال يبكي في مجلسه، ثم قال: وما بنا في الكلام عليهم من حاجة إلا دَعَتْنَا ضرورةٌ، فنتكلَّم عليهم لهذه.