وحاصل ما ذكرنا سابقًا أَنَّ قولَك: تَزني، لا يَدُل إلا على إتيانِ ذلك الفِعْلِ، أَمَّا المُفَاعَلَة منه، فَتَدُل على مُرَاوَدَتِها، واستمالةِ قَلبِها، وطولِ المُعَامَلَةِ معها، حتى أَرْضَاهَا على تلك الفَاحِشة، فصارت المرأةُ، والرجلُ متساويينِ في انتساب الفعلِ إليهما، ولم تَبقَ للرَّجُلِ مَزِيَّة، وحصلت المُفَاعلةُ، وأَمَّا إذا لم يَكُنْ الأمر بتلك المَثَابَةِ، فكان الزاني هو الرَّجلُ، وإِنَّما المرأةُ محَلُّ له، فلم تَصْلُح لانتسابِ الفِعْلِ صلوحها فيما إذا مَكَّنَتْ على نَفْسِها بِرِضَاها، وطَوَاعِيَّتِها، كأَنَّها هي التي حَمَلَت الرَّجُل على تلك السَّوأة، كما حَملها هو إياها عليه، فتساويا، وإنَّما كَرَّرنا فيه الكلام، لأنَّا وَجَدْنَا في هذا المعنى بلاغة، تُدْهَشُ منها العقول، ويُقدَّر منه قَدْرُ الرسولِ عليه الصلاة والسلام.