القرآنِ معمولًا به، وترك مذهب الشافعيِّ، فإنه وَقَّت بخمس رضعات مُشْبِعات في أوقاتٍ مُخْتلفة جائعات، ووقت أحمدُ بثلاثٍ قلنا: وإذا ثبت النَّسْخ في الجِنْس، فالظاهر النَّسْخُ رأسًا.
٥٠٩٩ - قوله:(الرَّضَاعةُ، تُحرِّم ما تحرِّمُ الوِلادَةُ) أحال حديثَ مُحرَّمات الرِّضاع على مُحرَّمات النَّسب، وقد بسطها الفقهاءُ، وضبطها صدرُ الشريعة في أربعة ألفاظ: الأُصول، والفروع، وجميع فروعِ أصلِ القريب، وصُلْبيات أَصْلِ البعيد، ونقحت محرمات الصِّهر في بيت:
*وزوجةُ الفَرْع والأصول ... وأم عرس وابنة المدخول
فأُصول الواطىء وفروعه تَحْرُم على الموطوءة، وكذا أصولها وفروعها تَعْرُم على الواطىء. ومرَّ أنَّ ابن الهُمام أورد على الضابطةِ المذكورةِ: امرأة الابن الرَّضَاعي، ومَرّ الجواب عنه أيضًا، فلا تفيدُه.
قوله:(هذا رجلٌ يستأذِنُ في بيتِك) ... إلخ. قيل: إنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم قد كان أخبرها مَرَّةً عن المسألة في العمِّ بقوله: «إنهُ عَمّك فليلج عليك، تَرِبت يمينُك»، فماذا كانت تستفته. وفي «الموطأ» لمالك: أنها إذا أرادت أن يَأذَن رَجُلًا بالدخول عليها بعث به إلى بناتِ أُختها، دون بنات أخيها، وفيه مسألة لبن الفحل، وقد مر الكلام فيها. وأُجيب عن الأَوّل أنَّ للعم الرَّضاعي صورًا، فلعلها عَلِمت بَعْضَها دون بَعْض.
٥١٠٠ - قوله:(ابنةُ أخِي من الرَّضَاعة) وقد كان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم وحمزةُ ارتضعا على ثُوَيبةَ جاريةِ أبي لهب.
٥١٠١ - قوله:(أو تُحِبين ذلك؟) استخبرها أَوَّلًا عَمَّا في صدرها، ثُم عَلَّمها المسألة. وهذا نظيرُ قوله:«أتحلفون» - في القسامة - فإِنّه لم يُوجِّه اليمين إليهم أَوّلًا، ولكنه كان على نَحْو الاستخبار عما عندهم، لينكروا عنه من فطرتهم، فينصرف اليمين إلى المُدّعى عليهم لا محالة، لأنه إذا لم تكن عندهم بينةٌ، وهم لا يَحْلِفون، سواء كان عليهم أو لا، فما السبيلُ إلَّا إلى صَرْف اليمين إلى المُدَّعى عليهم.
قوله:(غيرَ أنِّي سُقِيت في هذه بِعَتَاقَتِي ثُوَيبة) فيه دليلٌ أنَّ طاعاتِ الكفار تنفع شيئًا، ولو لم تدرأ العذابَ، كما مهدت فيما مر.