واعلم أَنَّ الإِمامَ البُخاري شدَّدَ الكلامَ في هذا البابِ على الإِمام أبي حنيفةَ النُّعمان، وكذا في كتابِ الحِيَل، ووجْهُ ذلك: أَنَّ البخاريَّ لم يَتَعَلَّم فِقْهَ الحنفيةِ حقَّ التَّعَلُّم، وإِنْ نُقِلَ عنهُ أَنَّه رَأَىَ فِقْهَ الحنفية، لكن ما يَتَرَشَّح مِنْ كِتَابِهِ هو أنه لم يُحَقِّقْ فُقْهَنا، ولم يَبْلُغْهُ إلا شَذَرَاتٍ منه، وهذا الذي دَعاهُ إلى ما أَتَى عليه في هذا الباب، ولو دَرَىَ ما الإِكراهُ في فُقْهِنَا لَمَا أَوْرَدَ علينا شيئًا.
وجملةُ الكلامِ فيه، أَنَّ الإِكْرَاهَ عندنا لا يَتُمُّ إلا بتَهْدِيدِ إيقَاعِ الفِعْلِ المُهَدَّدِ به على ذاته، أو أَطْرَافِهِ، أو القَرِيبِ مِنْ أَقَارِبِهِ، فإِنَّ سَابَّهُ أو هَدَّدَهُ بإِيقاعِ الفَعْلِ على غَيْرِهِ، لا يكونُ مَكْرَهًا، فإِنْ قال لهُ: اشرَبِ الخَمْرَ وإلا أَقْتُلُ زيدًا، لا يكون مكرهًا، وإِنْ وَجَبَ