جَعَلْتُ أَكْشِفُ الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ أَبْكِى، وَيَنْهَوْنِى عَنْهُ وَالنَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لَا يَنْهَانِى، فَجَعَلَتْ عَمَّتِى فَاطِمَةُ تَبْكِى، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «تَبْكِينَ أَوْ لَا تَبْكِينَ، مَا زَالَتِ الْمَلَائِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا حَتَّى رَفَعْتُمُوهُ». تَابَعَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِى ابْنُ الْمُنْكَدِرِ سَمِعَ جَابِرًا - رضى الله عنه -. أطرافه ١٢٩٣، ٢٨١٦، ٤٠٨٠ - تحفة ٣٠٤٤، ٣٠٦١
١٢٤٣ - قوله:(ما يُفْعَلُ بي) دَلَّ على أن المخاطَب إذا لم يكن عنده عِلْمٌ مِثْلُ ما عند المتكلم يجبُ عليه التردد، ولا ينبغي له أن يقعُدَ مطمئنًا مستريحًا، فإنَّ العلم الجملي لا يُغني ولا يكفي فإِنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم وإن كان يعلمُ ما يُفعلُ به، ولكن لم يكن عنده منه إلا عِلْمٌ جمليٌّ ولم يُحِط علمه بما في عِلْم الله كما أخبر به اللَّهُ سبحانه:{وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ}[البقرة: ٢٥٥] فإذا لم تَحْضُر عنده تفاصيلُ ذلك لم يسكن جأشُه، ولم يبرح مُضطرِبًا مهمومًا مُتفكِّرًا في الآخِرة دائمَ الأحزان لها.
وإنما أراد النبيُّ صلى الله عليه وسلّم من قوله:«وما يُدريك أنَّ اللَّه أكرمه» الزَّجْرَ على تجاسُرِه بين يدي صاحبِ النُّبوة، والجزمِ بما لا يعلمُ نهايةَ أَمْرَه دونَ الرَّدِّ على إكرامه، فإِنه رجا له الخيرَ. ومِن هذا الباب قولُ عائشة رضي الله عنها:«عصفورٌ من عصافيرِ الجّنَّةِ، وقد مرَّ في العلم ما يتعلق به».
٤ - باب الرَّجُلِ يَنْعَى إِلَى أَهْلِ الْمَيِّتِ بِنَفْسِهِ
١٢٤٥ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - نَعَى النَّجَاشِىَّ فِى الْيَوْمِ الَّذِى مَاتَ فِيهِ، خَرَجَ إِلَى الْمُصَلَّى، فَصَفَّ بِهِمْ وَكَبَّرَ أَرْبَعًا. أطرافه ١٣١٨، ١٣٢٧، ١٣٢٨، ١٣٣٣، ٣٨٨٠، ٣٨٨١ - تحفة ١٣٢٣٢ - ٩٢/ ٢
١٢٤٦ - حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ - وَإِنَّ عَيْنَىْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - لَتَذْرِفَانِ - ثُمَّ أَخَذَهَا خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ مِنْ غَيْرِ إِمْرَةٍ فَفُتِحَ لَهُ» أطرافه ٢٧٩٨، ٣٠٦٣، ٣٦٣٠، ٣٧٥٧، ٤٢٦٢ - تحفة ٨٢٠
أي لا بأسٌ بأخبارِ الميتِ بنفسه.
١٢٤٥ - قوله:(نَعَى النَّجَاشيَّ) واللغويون فَرَّقُوا بين نعاه، ونَعَى إليه، وبه، ولكن مراعاةَ الصِّلاتِ لا يُؤاخَذُ بها في العبارات، أو يقال: هناك النَّعْي بالمعنيين.
٥ - باب الإِذْنِ بِالْجَنَازَةِ
وَقَالَ أَبُو رَافِعٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أَلَا آذَنْتُمُونِى؟».