للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٩٨ - باب إِذَا اشْتَرَى شَيْئًا لِغَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَرَضِيَ

أشار إلى جواز بيع الفضوليِّ، ووافق فيه أبا حنيفة. وكذلك الحكمُ في شراء الفضوليِّ بعد لُحُوق الإِجازة عنده. وهذا الباب معدومٌ عند الشافعيِّ، فلا اعتداد لبيع الفضوليِّ عنده، ولا لشرائه، ولو لَحِقَتْهُ الإِجازةُ.

٢٢١٥ - حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ أَخْبَرَنِى مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «خَرَجَ ثَلَاثَةٌ يَمْشُونَ فَأَصَابَهُمُ الْمَطَرُ، فَدَخَلُوا فِى غَارٍ فِى جَبَلٍ، فَانْحَطَّتْ عَلَيْهِمْ صَخْرَةٌ. قَالَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ادْعُوا اللَّهَ بِأَفْضَلِ عَمَلٍ عَمِلْتُمُوهُ. فَقَالَ أَحَدُهُمُ اللَّهُمَّ، إِنِّى كَانَ لِى أَبَوَانِ شَيْخَانِ كَبِيرَانِ، فَكُنْتُ أَخْرُجُ فَأَرْعَى، ثُمَّ أَجِىءُ فَأَحْلُبُ، فَأَجِىءُ بِالْحِلَابِ فَآتِى بِهِ أَبَوَىَّ فَيَشْرَبَانِ، ثُمَّ أَسْقِى الصِّبْيَةَ وَأَهْلِى وَامْرَأَتِى، فَاحْتَبَسْتُ لَيْلَةً. فَجِئْتُ فَإِذَا هُمَا نَائِمَانِ - قَالَ - فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَهُمَا، وَالصِّبِيْةُ يَتَضَاغَوْنَ عِنْدَ رِجْلَىَّ، فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ دَأْبِى وَدَأْبَهُمَا، حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّى فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا فُرْجَةً نَرَى مِنْهَا السَّمَاءَ. قَالَ فَفُرِجَ عَنْهُمْ. وَقَالَ الآخَرُ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّى كُنْتُ أُحِبُّ امْرَأَةً مِنْ بَنَاتِ عَمِّى كَأَشَدِّ مَا يُحِبُّ الرَّجُلُ النِّسَاءَ، فَقَالَتْ لَا تَنَالُ ذَلِكَ مِنْهَا حَتَّى تُعْطِيَهَا مِائَةَ دِينَارٍ. فَسَعَيْتُ فِيهَا حَتَّى جَمَعْتُهَا، فَلَمَّا قَعَدْتُ بَيْنَ رِجْلَيْهَا قَالَتِ اتَّقِ اللَّهَ، وَلَا تَفُضَّ الْخَاتَمَ إِلَاّ بِحَقِّهِ. فَقُمْتُ وَتَرَكْتُهَا، فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّى فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا فُرْجَةً، قَالَ فَفَرَجَ عَنْهُمُ الثُّلُثَيْنِ.

وَقَالَ الآخَرُ اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّى اسْتَأْجَرْتُ أَجِيرًا بِفَرَقٍ مِنْ ذُرَةٍ فَأَعْطَيْتُهُ، وَأَبَى ذَاكَ أَنْ يَأْخُذَ، فَعَمَدْتُ إِلَى ذَلِكَ الْفَرَقِ، فَزَرَعْتُهُ حَتَّى اشْتَرَيْتُ مِنْهُ بَقَرًا وَرَاعِيَهَا، ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ يَا عَبْدَ اللَّهِ أَعْطِنِى حَقِّى. فَقُلْتُ انْطَلِقْ إِلَى تِلْكَ الْبَقَرِ وَرَاعِيهَا، فَإِنَّهَا لَكَ. فَقَالَ أَتَسْتَهْزِئُ بِى. قَالَ فَقُلْتُ مَا أَسْتَهْزِئُ بِكَ وَلَكِنَّهَا لَكَ. اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّى فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا. فَكُشِفَ عَنْهُمْ». أطرافه ٢٢٧٢، ٢٣٣٣، ٣٤٦٥، ٥٩٧٤ - تحفة ٨٤٦١ - ١٠٥/ ٣

٢٢١٥ - قوله: (والصِّبْيَةُ يَتَضَاغَوْنَ عند رِجْلَيَّ) ... إلخ. وهذا عملٌ غيرُ صالح في الظاهر، كيف وأنه ظَلَمَ على الصبيان الصغار المَعْصُومِين، فلم يُسْقِهِمْ لبنًا، وهو ساغبون. نعم نيتُه كانت صالحةً، فأُجِرَ عليها، ولا بُعْدَ أنه لو كان من أهل علمٍ لأُخِذَ عليه، وعُوقِبَ به، فإن صلاحَ النية مع فساد العمل إنما يعتدُّ من جاهلٍ، وقد نبَّهناك غير مرةٍ على أن هذا أيضًا باب في الشرع غَفَلَ عنه الناسُ، أي القَبُولِيَّةُ بحُسْنِ النية، مع الخطأ في العمل. وأسمِّيه صالحًا سفيهًا (نيك بخت بيوقوف)، فإن السفاهةَ قد تَدْعُو إلى مثل هذا الغلوِّ والمبالغة التي لم تُكْتَبْ عليه.

قوله: (اسْتَأْجَرْتُ أَجِيرًا). واخْتُلِفَ في أنه إن تصرَّف في مال غيره، ثم رَبِحَ فيه، هل يَطِيبُ الربح للمتصرِّف، أو يكون لصاحب المال؟ فذهب أبو حنيفة، ومحمد رحمهما الله إلى أن

<<  <  ج: ص:  >  >>