- رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «يُهِلُّ أَهْلُ الْمَدِينَةِ مِنْ ذِى الْحُلَيْفَةِ، وَأَهْلُ الشَّأْمِ مِنَ الْجُحْفَةِ، وَأَهْلُ نَجْدٍ مِنْ قَرْنٍ». قَالَ عَبْدُ اللَّهِ وَبَلَغَنِى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «وَيُهِلُّ أَهْلُ الْيَمَنِ مِنْ يَلَمْلَمَ». أطرافه ١٣٣، ١٥٢٢، ١٥٢٧، ١٥٢٨، ٧٣٤٤ - تحفة ٨٣٢٦
واعلم أن المواقيتَ عند فقهائنا على نحوين: ميقاتٌ زماني، وميقاتٌ مكاني. أما الأول: فهو أشهر الحج. وأما الثاني: فما فصَّلُوه من البُقَع. وقالوا: لا يُقدَّمُ الإِحرام على الأول، ويستحب له أن يُقدِّمه على الثاني. فيستحب أن يُهل أهل المدينة قَبْلَ ذي الحُلَيْفة، فإنها ميقاتهم، وأنكره البخاري، ولذا قال: لا يهلوا قَبْلَ ذي الحُلَيْفة، وإنما خصَّصَ أهلَ المدينة بالذكر مع كون المسألة عامةً، لكون ميقاتهم أقربَ المواقيت، فإذا وجبَ عليهم أن يخرجوا إلى ميقاتهم ويُهلوا منها، فغيرهم ممن كانت مواقيتهم على بعد، أولى أن يُحرموا منها.
قلتُ: أما المسألة في أهل المدينة خاصة، فينبغي أن تكون كذلك عند الحنفية أيضًا، وأرجو أن لا تكون خلافًا لمسائلهم، فإنَّ أهلَ المدينة لما كان ميقاتُهم أمامَهم، فلا حاجة لهم إلى تقديم الإِحرام، مع أن في إحرامِهم بميقاتهم تأسي بالنبيِّ صلى الله عليه وسلّم بخلاف غيرهم، فإنَّ لهم في التقديم عملا بالعزيمة، وتماديًا في الإِحرام، مع أنه لا يلزمُ عليهم مخالفةً للسنة أيضًا، فافترقا.