أي كيف ظَهَرَ السلامُ في الكون، وكيف وُجِدَ من كَتْمِ العدمِ؟ والمرادُ به ظهورُ ذلك النوع، فيحوي على بقائه أيضًا، كما مرَّ تقريره في بَدْءِ الوحي. وإذن لا يقتصرُ على الأحوال الابتدائية فقط.
٦٢٢٧ - قوله:(خَلَقَ اللهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ)، والصوابُ أن الضميرَ راجعٌ إلى اللَّهَ تعالى لِمَا في بعض الطُّرُق:«على صورة الرحمن». وإذن أشكلَ شرحُهُ. فقال القاضي أبو بكر بن العربي: إن المرادَ من الصورة الصفةُ، والمعنى: أنَّ اللَّهَ تعالى خلق آدمَ على صفاته. وتفصيلُه أنه وضع في بني آدم أُنْمُوذَجًا من الصفات الإِلهية، وليس من الكائنات أحدٌ مَنْ يكون مظهرًا كاملًا لتلك الصفات، إلَّا هو. أَلَا ترى أنَّ صفةَ العلم التي هي من أخصِّ الصفات لا توجدُ إلَّا في الإِنسان؟ فإنَّ سائِرَ الحيوانات ليس فيها إلَّا قوةً مَخِيلةً.
وقيل: الغرضُ من إسناد الصورة إلى نفسه، مجرَّدُ التشريف والتكريم، على ما يَنْطِقُ به النصُّ: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (٤)} [التين: ٤]. وليس المرادُ منه: أنَّ تعالى أيضًا صورة.
وقال الشيخُ الأكبرُ: الصورةُ على معناها، ومغزى الحديث: أنَّ اللَّهَ سبحانه وتعالى لو تنزَّل إلى عالم الناسوت، لكان في صورة الإِنسان، فإنَّ ذلك صورتُه في هذا العالم، لو كانت. أَلَا ترى أنه أسندَ إلى نفسه: العينَ، والقدمَ، والأصابعَ، والوجهَ، والساقَ، واليدَ، والحَقْوَ، واليمينَ، والقبضةَ، والرداءَ، والإِزارَ، إسنادًا شائعًا في القرآن والحديث، ولا ريب أنَّها هي حِلْيَةُ الإِنسان؟ فلو فرضنا فرضَ المُحَال أنَّ اللَّهَ تعالى لو