للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفي الخارج: أن الأشعارَ أيضًا تَسْجُدُ، ولذا نهى أن يُصَلِّي مقصوصًا. وفي الآثار: أن الثيابَ تَسْجُدُ أيضًا، فنهى عن كفِّها. فإذا كان حال الثياب والأشعار هذا، فما بال الأعضاء. وادَّعَيْتُ منه: أن اليدين أيضًا تركعان، كما أنهم تَسْجُدَان، وليستا بمُعَطَّلَتَيْن. واختار ابن الهُمَام: أن وضُعَ السبعة واجبٌ. وفي المشهور: وجوب وضع الجبهة وإحدى الرجلين فقط، ووضعُ البواقي سنةٌ.

قلتُ: ولعلَّ للجبهة مَزِيَّةً على سائر الأعضاء، اختصاصًا بحقيقة السجود ما ليس لسائرها، كما يُعْلَمُ ذلك من الأدعية الواردة في السجود، فأمكن أن يكونَ القولُ المشهور كاشفًا لهذا المعنى. وحينئذٍ ينبغي أن يبقى في النظر فقط دون العمل. وبعبارةٍ أخرى: إن القول المشهور ليس لبيان ما ينبغي في العمل، بل لبيان اختصاص الجبهة بحقيقة السجدة.

قوله: (لم يَحْنِ). وقد مرَّ أنه كان حين بَدُن النبيُّ صلى الله عليه وسلّم وكانوا خِفَافًا، فلو قَارَنُوا معه في الأفعال، ربما أمكن أن يتقدَّمُوا عليه، وقد نُهُوا عنه. فلذا أُمِرُوا بالتعقيب، لأن التعقيبَ سنةٌ وأصلٌ. ولذا قلتُ: إن من صلَّى مع الإِمام، وليس معه غيره، يتأخَّرُ عنه بيسيرٍ، كما هو عن محمد رحمه الله تعالى، لئلا يتقدَّم، فَتَفْسُدُ صلاته.

١٣٤ - باب السُّجُودِ عَلَى الأَنْفِ

٨١٢ - حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ أَسَدٍ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما قَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ عَلَى الْجَبْهَةِ - وَأَشَارَ بِيَدِهِ عَلَى أَنْفِهِ - وَالْيَدَيْنِ، وَالرُّكْبَتَيْنِ وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ، وَلَا نَكْفِتَ الثِّيَابَ وَالشَّعَرَ». أطرافه ٨٠٩، ٨١٠، ٨١٥، ٨١٦ - تحفة ٥٧٠٨

وهو روايةٌ عن إمامنا رحمه الله تعالى، ونقل الشاميُّ الرجوعَ عنها، فلا يُجْزِىءُ الاقتصار عليه إلا من عُذْرٍ. قلتُ: ولعلَّ الإِمامَ لم يَرْجِعْ عنه ثم اعلم أن الجبهةَ واحدٌ، والجبين: اثنان، وهما قرنا الرأس.

٨١٢ - قوله: (وأَشَارَ)، فسمَّى الجبهةَ، وأَشَارَ إلى الأنف. ويجري فيه ما ذَكَرَهُ صاحب «الهداية» في باب المهر: أن التسميةَ إذا تَعَارَضَتْ بالإِشارة، فهل تُعْتَبَرُ بالإِشارة أو بالتَّسْمِيَةِ. ثم حرَّر أن العبرةَ عندنا بالإِشارة، فإنها أبلغ بالتعيين. وحينئذٍ لمَّا كانت الإِشارةُ إلى الأنف، دَلَّت على أن الاقتصارَ عليه كافٍ. واعْتَرَضَ عليه ابن دقيق العيد أن قوله إلى الأنف تعبيرٌ من الراوي، لاتحاد جهة الأنف والجبهة، فكيف تعيَّن كونها إلى الأنف؟ لِمَ لا يجوز أن يكونَ أشار إلى الجبهة، ولمَّا كانت جبهته جهة الأنف، عبَّر عنه الراوي بما ترى؟

قوله: (ولا يَكْفِت الثياب)، دلَّ النهيَّ على سجود الثياب أيضًا، وَسَيُبَوِّبُ المصنِّفُ رحمه الله تعالى بباب عقد الثياب لِمَا يُتَوَهَّمُ من النهي الإطلاق، مع أنه ثَبَتَ إذا خاف الانكشاف، كما في التوشُّح، والمخالفة بين الطرفين والعقد.

١٣٥ - باب السُّجُودِ عَلَى الأَنْفِ في الطِّينِ

٨١٣ - حَدَّثَنَا مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ يَحْيَى عَنْ أَبِى سَلَمَةَ قَالَ انْطَلَقْتُ إِلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>