هذا هو الترتيب الصحيح. ويردُ عليه سؤال عائشة رضي الله عنها. وحاصلُ جوابِهِ صلى الله عليه وسلّم أن الحسابَ اليسيرَ هو العَرْضُ فقط، والعذابُ لمن نُوقِش فيه.
وانعكس الترتيب في بعض طرقِهِ كما يأتي في الصفحة الآتية. فقدم فيه قوله:«من نوقش عذب» ولا يتأتى عليه سؤالُ عائشة رضي الله تعالى عنها، فإنه لم يقل بالعذاب لمن حوسب، وإنما أخبرَ به لمن نُوقش، فلا سؤال، فاحفظه ولا تغفُل. فإن الحديثَ إذا وردَ بألفاظٍ مختلفةٍ فليؤخُذ بجميع ما ورد من طرُقِهِ ثم ليخْتَر أقربَ ألفاظه وأعجبها إلى الذوق والتبادر، فإن الرواية بالمعنى فاشيةٌ، والتغييرَ من الرواة معلومٌ.
قوله:(إنما ذلك العَرْض) واستفدتُ منه أنه يجوزُ للتفهيم تغييرُ عُنوانَ القرآن، كما غيره النبي صلى الله عليه وسلّم من الحساب اليسير إلى العَرْض، وهذا مهم فاعلمه. ثم العَرْض غير التعليم، قال الله تعالى:{وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ}[البقرة: ٣١] فآدم معلَّم والملائكة معروضٌ عليهم. ولم يعلمهم من أسمائها شيئًا فلا إشكال في حديث عَرْض الأعمال.
٣٨ - باب لِيُبَلِّغِ الْعِلْمَ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ
قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -.
(عمرو بن سعيد) والي المدينة من جهة يزيد: ولم يذكر المحدثون سُوء حاله، إلا أني رأيت حكايةً بالإسناد تدلُّ على شَقَاوتَه، حتى أخشى عليه سلبَ الإيمان، فلا أدري هل خفيتْ عليهم أو ماذا؟ وكيفما كان ذِكرُهُ ههنا في ذيلِ القصة لا أنه راوي الحديث ليعدّ من رواة الصحيح. ثم إن المسألة عندنا فيمن جَنَى خارج الحرم، ثم التجأ إليه، أنَّ جنايتَه لو كانت في