للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إلا مكابر، لكنَّه يمكن أَنْ يكونَ كذلك في الواقع أيضًا، ويمكِنُ أَنْ يكون الجَرَيان للفَلك مع ثَبَاتِ الشمس في مكانِهَا لكنَّها لمَّا كانت تجري في الحسِّ نَسَبَهُ إليها، وهذا معنىً صحيح فهل لك فيه رَغْبة رَهْ فيه رأيك. ثم في الحديث: «النَّوم أخو الموت»، ومعلومٌ أنَّ النَّائِمَ يرى أمورًا، وتَمْضِي عليه حالات تنفى عنها ببعض الاعتبارات وإنْ كانت ثابتة ببعضها فكذلك ههنا، ومزيد الباب قوله تعالى: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} وله جواب آخر وهو أَنَّ المنفي في الآية هو الإِسماع دون السَّماع، وتقريره أنَّ الآيةَ تَنْفِي السَّماع الذي يترتب على الأسباب، فإن له أسبابًا في الدنيا، فإذا وُجِدَت تلك الأسباب لَزِمَ ترتب السَّماع عليها وليس هكذا في عالم البرزخ، لأنَّ ذلك عالَم آخر، ولا تستوي فيه تلك الأسباب، فالسَّماع فيه إنَّما يَحْصُل متى شاء الربُّ جلَّ وعلا ولمن شاء، ولا يكفي لإِسْمَاعِهم الأسباب التي عندنا فليس في الآية نفيًا له مطلقًا، إنَّما فيها نفيه بالطريق الذي عندنا وقد قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاء وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِى الْقُبُورِ} [فاطر: ٢٢] وسنتكلم عليه في مواضع البَسْطِ من هذا إنْ شَاء الله تعالى.

وههنا حديث آخر في السنن وهو: «لا تتخذوا قبري عيدًا». وقد حرَّف مرادَه بعض الجهلاء وفهموا أَنَّ معناه لا تجعلوه كالعيد فتأتوه في السَّنة مرة، ومعناه لا تجعلوه كالعيد حفلة سنوية يعني: ميلا ميري قبربرنه "لكاياكرو".

[فائدة]

ولَقَبُ الصوفي ليس من الصُّفة بل هو نِسْبَة إلى الصُّوف، وكان موسى عليه الصَّلاة والسَّلام (١) لبسَه يومَ ذهب إلى الطُّور لأَخْذِ التَّوراة فاستحسَنه ربه في هذا اللباس.

٥٣ - باب الصَّلَاةِ فِى مَوَاضِعِ الْخَسْفِ وَالْعَذَابِ

وَيُذْكَرُ أَنَّ عَلِيًّا - رضى الله عنه - كَرِهَ الصَّلَاةَ بِخَسْفِ بَابِلَ.

٤٣٣ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «لَا تَدْخُلُوا عَلَى هَؤُلَاءِ الْمُعَذَّبِينَ إِلَاّ أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ، فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا بَاكِينَ فَلَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِمْ، لَا يُصِيبُكُمْ مَا أَصَابَهُمْ». أطرافه ٣٣٨٠، ٣٣٨١، ٤٤١٩، ٤٤٢٠، ٤٧٠٢ - تحفة ٧٢٤٦

وفي فقهنا أَنَّ الصَّلاةَ في مواضِع العذاب مكروهةٌ تنزيهًا.

قوله: (ويُذْكَر أنَّ عليًا) ... إلخ وهذا عند ذهابه إلى حرب صُفين.


(١) قلتُ: وأَخْرَجَ الترمذي في اللِّبَاس عن عبدِ الله بنِ مسعود رضي الله عنه قال: كان على موسى يومَ كَلَّمه ربُه كساء صوفٍ وجُبةَ صوفٍ وكمة صوف وسَرَاوِيل صوف، وكانت نَعْلًا من جِلْدِ حمار مَيِّتَ اهـ والكُمَّةُ: القَلَنْسُوة الصغيرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>