للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

جعلنا في مُكْنةٍ مِن تَرْكها وفِعْلها رأسًا، فأين ينبغي أن نتداعى له الناس. فالنِّداء مِن خصائص المكتوبة. وفَسَّر الحلواني بما فوق الثلاث.

قلت: وإنَّما أراد الحلواني ضَبْطَه ليتمشى عليه العوم لا تفسيرَه. فإِنَّ اللَّفْظَ مُنْكشِفٌ في معناه، بَيِّنٌ في مرادِه لا يحتاجُ إلى تفسيرِ، فما ذَكَره أَنْسَبُ للفَتْوى. ثُمَّ تَتَبَّعْت النوافِلَ الداخلةَ في بنية الصلاةِ فوجدتُها كذلك، لا جماعةَ فيها أيضًا، وكلٌّ فيها أميرُ نَفْسِه. وهو الشاكِلةُ في جملة الأَذكار الداخلةِ في صُلْب الصلاةِ، فتجِدُ كُلَّها على المقتدي أيضًا. وذلك لأن كُلاًّ منهم منفرِدٌ فيها، يَفْعَلُها لِنَفْسِه. فالتضمن إنَّما رُوعي حيثُ كان الشيءُ فَرْضًا. وليعلم أن النيابةَ تجري في الأقوال دون الأفعال، فهي على الكلِّ ثُمَّ النيابةُ في الأقوال، إنما اعتُبرت حيثُ كان القولُ مما لا بُدَّ منه كالقراءة. أما الأقوال التي لو تركت رأسًا لم تكن عليه تِبعة، فإِنَّها لا تحتاج إلى عِبرة النيابةِ. فإِن قلت: إنَّ صلاةَ الكسوفِ والاستسقاء والتراويح سُنَّة، فلزِم أَن لا تكون جماعةً. قلت: كأن تلك مستثناةٌ من ذلك. على أن صَرَّح في «الغاية» بوجوبِ صلاةِ الكُسوف.

[فائدة]

قال الفقهاء: إنَّ الجماعةَ في النوافل مكروهةٌ إِلا في رمضانَ. ولم يَفْهمُ مُرادَهم بعضُ الأغبياء، فَحَمله على جوازِ الجماعةِ في النَّفْل المطلق في رمضان، مع أنَّ مرادَهم التراويحُ لا غيرٌ فافهمه، فإِنَّ العِلْمَ لا يتحصَّلَ إِلا بعد السَّبْر.

١١٨٦ - فَزَعَمَ مَحْمُودٌ أَنَّهُ سَمِعَ عِتْبَانَ بْنَ مَالِكٍ الأَنْصَارِىَّ - رضى الله عنه - وَكَانَ مِمَّنْ شَهِدَ بَدْرًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ كُنْتُ أُصَلِّى لِقَوْمِى بِبَنِى سَالِمٍ، وَكَانَ يَحُولُ بَيْنِى وَبَيْنَهُمْ وَادٍ إِذَا جَاءَتِ الأَمْطَارُ فَيَشُقُّ عَلَىَّ اجْتِيَازُهُ قِبَلَ مَسْجِدِهِمْ، فَجِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقُلْتُ لَهُ إِنِّى أَنْكَرْتُ بَصَرِى، وَإِنَّ الْوَادِىَ الَّذِى بَيْنِى وَبَيْنَ قَوْمِى يَسِيلُ إِذَا جَاءَتِ الأَمْطَارُ فَيَشُقُّ عَلَىَّ اجْتِيَازُهُ، فَوَدِدْتُ أَنَّكَ تَأْتِى فَتُصَلِّى مِنْ بَيْتِى مَكَانًا أَتَّخِذُهُ مُصَلًّى. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «سَأَفْعَلُ». فَغَدَا عَلَىَّ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَأَبُو بَكْرٍ - رضى الله عنه - بَعْدَ مَا اشْتَدَّ النَّهَارُ فَاسْتَأْذَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَأَذِنْتُ لَهُ فَلَمْ يَجْلِسْ حَتَّى قَالَ «أَيْنَ تُحِبُّ أَنْ أُصَلِّىَ مِنْ بَيْتِكَ». فَأَشَرْتُ لَهُ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِى أُحِبُّ أَنْ أُصَلِّىَ فِيهِ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَكَبَّرَ وَصَفَفْنَا وَرَاءَهُ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَلَّمَ وَسَلَّمْنَا حِينَ سَلَّمَ، فَحَبَسْتُهُ عَلَى خَزِيرٍ يُصْنَعُ لَهُ فَسَمِعَ أَهْلُ الدَّارِ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى بَيْتِى فَثَابَ رِجَالٌ مِنْهُمْ حَتَّى كَثُرَ الرِّجَالُ فِى الْبَيْتِ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ مَا فَعَلَ مَالِكٌ لَا أَرَاهُ. فَقَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ ذَاكَ مُنَافِقٌ لَا يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «لَا تَقُلْ ذَاكَ أَلَا تَرَاهُ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ.

يَبْتَغِى بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ». فَقَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. أَمَّا نَحْنُ فَوَاللَّهِ لَا نَرَى وُدَّهُ وَلَا حَدِيثَهُ إِلَاّ إِلَى الْمُنَافِقِينَ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ عَلَى النَّارِ مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَاّ اللَّهُ. يَبْتَغِى بِذَلِكَ وَجْهَ اللَّهِ». قَالَ مَحْمُودٌ فَحَدَّثْتُهَا قَوْمًا فِيهِمْ أَبُو

<<  <  ج: ص:  >  >>