للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٢٥١ - قوله: (فَكَتَبَ: هَذَا ما قَاضَى) ... إلخ، وفي إسنادِ فعلِ الكتابة إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلّم بحثٌ: أنه إسنادٌ إلى المباشر، أو الآمر، فلم يَنْفَصِلْ بعدُ، وفي ذلك قد ابْتُلِي (١) القاضي أبو الوليد الباجي، وكان يدَّعي: أن هذا القدرَ من الأحرف كان النبيُّ صلى الله عليه وسلّم كَتَبَهُ بيده الكريمة.

قلتُ: ولفظ الراوي: «وليس يُحْسِنُ الكتابةَ»، يُؤَيِّدُه أي تأييدٍ، وإن كان الأمر لا يَنْفَصِلُ منه أيضًا، فإن الرواةَ يعبِّرون بكل نحوٍ. فلا تُبْنَى عليه مسألةٌ، ولا تنقض منه مسألة، ولا يَنْكَشِفُ الأمر ما لم يَنْكَشِفْ حالُ الإِسنادِ في «كتب» أنه إلى المباشر، أو الآمر، وذلك غير مُنْكَشِفٍ.

وهي في السنة السابعة بعد الهجرة النبوية.

وبالجملة لمَّا ادَّعى القاضي بما ادَّعى، أَفْتَى المالكيةُ بقتله، لكونهم متشدِّدين في هذا الباب، فقالوا: إنه سَبَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم وإنما عَدُّوه سبًّا، لأن القرآنَ لقَّبه أميًّا، والكتابة خلافه. فقام للذَّبِّ عنه أحدٌ من الكباب من هذا المجلس، وقال: لا سبيلَ لكم إلى قتله، فإنه ادَّعى الكتابة معجزةً منه صلى الله عليه وسلّم فلا يُخَالِفُ ادِّعَاءَ القرآن بكونه أُميًّا، فخلَّى سبيله، بعد أن كان رهنُه قد انْغَلَقَ.

٤٢٥٤ - قوله: (وما اعْتَمَرَ في رَجَبٍ قَطُّ)، والرَّجَبُ ههنا مُنْصَرِفٌ لعدم إرادة المتعيَّن منه، وهي مسألة جاءني عمر، وعمر آخر يعينها.

٤٦ - باب غَزْوَةُ مُوتَةَ مِنْ أَرْضِ الشَّأْمِ

٤٢٦٠ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرٍو عَنِ ابْنِ أَبِى هِلَالٍ قَالَ وَأَخْبَرَنِى نَافِعٌ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ وَقَفَ عَلَى جَعْفَرٍ يَوْمَئِذٍ وَهْوَ قَتِيلٌ، فَعَدَدْتُ بِهِ خَمْسِينَ بَيْنَ طَعْنَةٍ وَضَرْبَةٍ، لَيْسَ مِنْهَا شَىْءٌ فِى دُبُرِهِ. يَعْنِى فِى ظَهْرِهِ. طرفه ٤٢٦١ - تحفة ٧٦٦٨ - ١٨٢/ ٥


(١) قال الحافظ في "فتح الباري": وقد تمسك بظاهر هذه الرواية أبو الوليد الباجي، فادعى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كتب بيده، بعد أن لم يكن يحسن الكتابة، فشنع عليه علماء الأندلس في زمانه، ورموه بالزندقة، وأن الذي قاله يخالف القرآن، حتى قال قائلهم شعرًا:
برئت ممن شرى دنيا بآخرة ... وقال: إن رسول الله قد كتبا
فجمعهم الأمير، فاستظهر الباجي عليهم بما لديه من المعرفة، وقال الباجي: هذا لا ينافي القرآن، بل يؤخذ من مفهوم القرآن، لآنه قيد النفي بما قبل ورود القرآن، قال تعالى: {وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ} وبعد ما تحققت، وتقررت بذلك معجزته، وأمن الارتياب في ذلك، لا مانع من أن يعرف الكتابة بعد ذلك من غير تعلم، فيكون معجزة اخرى، اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>