للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦٧ - باب الْمَيِّتُ يَسْمَعُ خَفْقَ النِّعَالِ

١٣٣٨ - حَدَّثَنَا عَيَّاشٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى حَدَّثَنَا سَعِيدٌ قَالَ وَقَالَ لِى خَلِيفَةُ حَدَّثَنَا ابْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا سَعِيدٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «الْعَبْدُ إِذَا وُضِعَ فِى قَبْرِهِ، وَتُوُلِّىَ وَذَهَبَ أَصْحَابُهُ حَتَّى إِنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهِمْ، أَتَاهُ مَلَكَانِ فَأَقْعَدَاهُ فَيَقُولَانِ لَهُ مَا كُنْتَ تَقُولُ فِى هَذَا الرَّجُلِ مُحَمَّدٍ - صلى الله عليه وسلم - فَيَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّهُ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ. فَيُقَالُ انْظُرْ إِلَى مَقْعَدِكَ مِنَ النَّارِ، أَبْدَلَكَ اللَّهُ بِهِ مَقْعَدًا مِنَ الْجَنَّةِ - قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - فَيَرَاهُمَا جَمِيعًا - وَأَمَّا الْكَافِرُ - أَوِ الْمُنَافِقُ - فَيَقُولُ لَا أَدْرِى، كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ. فَيُقَالُ لَا دَرَيْتَ وَلَا تَلَيْتَ. ثُمَّ يُضْرَبُ بِمِطْرَقَةٍ مِنْ حَدِيدٍ ضَرْبَةً بَيْنَ أُذُنَيْهِ، فَيَصِيحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا مَنْ يَلِيهِ إِلَاّ الثَّقَلَيْنِ». طرفه ١٣٧٤ - تحفة ١١٧٠

١٣٣٨ - قوله: (هذا الرَّجُلِ) وفي «تنوير الحوالك» أنه إشارةٌ إلى المعهودِ في الذِّهن.

قوله: (وأمَّا الكافِرُ أو المُنَافِقُ) وقد مرَّ في الأَيْمان أنَّ السؤال في القبر عند بَعْضِهم يكون من المسلمِ والمنافقِ دون الكافرِ، وفيه نَظَر كما مرَّ.

قوله: (تَلَيْتَ) وهو في الأَصْل تَلَوْتَ، فصار تَلَيْت رعايةً لقرينة دَرَيْت، كما قيل في الغدايا والعشايا. وترجمته (ترني بيروي زكي).

قوله: (إِلا الثَّقَلَين) والعذاب فيه مِن أشياء عالم آخَرَ، كسعة القَبْر وتضييقه. فإِنَّها كلَّها مِن عالَم الغيب على أنَّ أوزانَ الأشياءِ ومقاديرَها ليست بأَمرٍ متعيَّن، فإِنَّ الشيءَ الواحِد يُرى صغيرًا وكبيرًا باعتبار آلاتِ النَّظر. وكذا يختلفُ وزنُ الشيء الواحدِ عند وَزْنِه بخط الاستواء، ثم وَزْنِه عند القُطْبين. وقد ذكر «نيوتن» أن الشيءَ الواحدَيختلفُ ثِقَلا وخِفّةً بحسبِ تَجَاذُبِ الأَرض. فإِذَا وَزَنْتَ شيئًا على الأَرْض ثُمَّ وَزَنْته في الهواء تجدُه أَثْقَلَ فإِذَا عَلِمت أَنَّ الشيءَ الواحِدَ يمكنُ أن يكونَ صغيرًا وكبيرًا بحسب المَرْأَى، وكذلك اختلف وَزْنُه بحسب اختلافِ المواضع لم تبق للبَصَر حقيقة. فربَّ شيءٍ تَرَاه صغيرًا يمكنُ أن يكونَ كبيرًا في الواقع وبالعكس، فطاحت المقاديرُ رأسًا.

بقي حالُ الأصوات، فقد تَسْمَعُ من بُعُد بعيدٍ، وقد لا تسمع مِمَّن هو في البيتِ. فأيُّ بُعْد في رؤيةِ الميتِ قبرَه القصيرَ مبسوطًا في ستين أو سبعين ذِرَاعًا مثلا، فقد شاهدنا اختلافَ المقاديرِ لشيءٍ واحدٍ في هذا العالم فما البعدُ فيه عند اختلافِ العالَمين. على أنه يمكنُ أن يكونَ في الأرضِ شيءُ يقبض ويبسط، كالجسم التعليمي عند الفلاسفة، فيصيرُ ممدودًا عند الثواب، ومقبوضًا عند العذاب. وأيضًا يمكنُ أن تترفعَ عنه الحُجُب إلى مسافةٍ متعينةٍ مع بقاء في نَفْسه، كما ترى في بعض الآلاتِ الجديدة: يُرى منها باطنُ الإِنسان من فَوْق جِلْده. ثُم لا حاجةَ في إثبات عذابِ القبر إلى ما قاله الصوفية: أن العذاب على البدنِ المثالي دون المادي. وحينئذٍ لا بعد أن لم نشاهدا أحدًا يعذب في قبره، فإِنَّ الأسهل أن يقال: إنه مِن عالَم الغيب وإقامةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>