ثُم اعلم أنَّ سند حمزةَ أيضًا ينتهي إلى ابن مسعود، وفي قراءته أيضًا المعوذتان والفاتحة. واعلم أن سند الكسائي ينتهي إلى ابن مسعود، لأنه قرأ على حمزةَ، ومِثله ينتهي سند خلف - الذي من العشرة - إلى ابن مسعود، فإِنه قرأ على سليم، وهو على حمزةَ، وإسناد القراء العشرة أصحُّ الأسانيد بإِجماع الأمة، وتلقى الأمة له بِقبولها. وقد ثبت بالأسانيد الصحاح أنَّ قراءة عاصم، وقراءة حمزةَ، وقراءة الكسائي، وقراءة خلف كلها تنتهي إلى ابنِ مسعود في هذه القراءات المعوذتان، والفاتحة جزء من القرآن، وداخل فيه، فنسبةُ إنكارِ كونها من القرآن إليه غَلَط فاحِش. ومَنْ أسند الإِنكارَ إلى ابن مسعود فلا يُعبأ بسنده، عند معارضةِ هذه الأسانيدِ الصحيحة بالإِجماع، والمتلقاة بالقبول عند العلماء الكرام، بل والأُمة كلها كافة. اهـ: "فواتح الرحموت". (١) قلتُ: وقد وَجَدت لجوابه تقريرًا آخَر عن الشيخ فيما كتبه عنه الفاضل عبد القدير، قد وقع الشيخُ ابنُ الهمام فيه في التشويش، وما سنح له ما يشفي الصدور، فتحير في تحرير الأصول، وأنا أقول: إنه لا يُنْكر كونَهما من التأليف السماوي، والوحي الإِلهي، وإنما كان زَعمه أنهما ممتازان من القرآن، في باب القرآنية، كما أن البسملة عندنا كذلك، فحالهما عنده كحالها عندنا، حيث نُسلم أنها آيةٌ من القرآن، ومع ذلك نقول: إنه خارج من بابه، ولهذا امتازت ببعض الأمور، كعدم الجَهْر به، حيث يجهر، وغير ذلك، وكم مِن فرق بين إنكار كونهِ من الوحي المتلو، وبين كونها خارجةً ممتازةً عن الغير، لبعض الأُمور المختصّة.