فَذُقْ، فإنه لطيفٌ جدًا، واعْتَنَيْتُ بكلماته من هذا الكتاب، ما لم أَعْتَنِ بغيره، لكونها بلغت نهاية الدِّقَّة. ولَعَمْرِي قد أتى في الأبواب كلِّها على غرائب بِوَجَازةٍ لم أرَ غيره أتى بمثله. كيف لا! وهو إمامٌ في الحديث، قلَّما سَمَحَ الزمانُ بمثله. وكانت عندي نسخة "مشكل الآثار" أيضًا، ولم أَضَنَّ بنقولها أيضًا، لكن الأسف أنها كانت مُنْخَرِمَةً، لم يُطْبَعْ منها المجلد الخامس، فكافأتها بنقولٍ من "المعتصر". ولقد أَجَادَ القاضي في تلخيصه، فبرَّد الله مضجعه، مع أنه قد رتَّب كتابه على الأبواب الفقهية، فصار كأنه الماء العذب. وأمَّا "مشكل الآثار"، فلا ترتيبَ فيه، ولا تَجِدْ فيه حديثًا إلَّا بعد عناءٍ تامٍّ، وقد قاسيته إرفادًا للعلماء والفضلاء، وطمعًا في دعوةٍ صالحةٍ تَلحَقُنِي في حياتي، وبعد مماتي. (٢) قلت: وأخرجه الحافظ في "البيوع - من باب: لا يذاب شحم الميتة، ولا يباع ودكه" قال ابن الجوزي، والقرطبي، وغيرهما: اختلف في كيفية بيع سمرة للخمر، فقد أخرج مسلم في قصة: أن سمرة باع خمرًا، فقال: قاتل الله سمرة، على ثلاثة أقوال: أحدها: أنه أخذها من أهل الكتاب عن قيمة الجزية، فباعها منهم، معتقدًا جواز ذلك، وهذا حكاه ابن الجوزي عن ابن باصر، ورجحه، وقال: كان ينبغي أن يوليهم بيعها، فلا يدخل في محظور، وإن أخذ ثمنها منهم بعد ذلك، لأنه لم يتعاط محرمًا، ويكون شبيهًا بقصة بريرة، حيث قال: هو عليها صدقة، ولنا هدية، ثم ذكر احتمالين آخرين، ثم قال: قال القرطبي تبعًا لابن الجوزي، والأشبه الأول، اهـ مختصرًا: (٤/ ٢٧٢) "فتح الباري".