للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٤٦١ - قوله: (حَدِّثُوا عَنْ بَني إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ (١)) والحالُ فيه مختلفٌ، فإن ما يُنْقَلُ عنهم إن صَحَّ ووافق شرعَنا نصدِّقه ونعمل به أيضًا. وإن صَحَّ، ولكن لم يُوَافِقْه شرعُنا نصدِّق به، ولا نعمل به، ونحمله على النسخ، أو التحريف. وإن لم يَصِحَّ، أو لم يَنْكَشِفْ أصلُه، فإذن لا نصدِّقه ولا نكذِّبه، ونؤمن إجمالًا بما هو الحقُّ عند الله العظيم. وهذا هو السبيلُ عندي في المسائل المختلف فيها بين الأئمة، فَنُؤْمِنُ بها إجمالًا على ما هي حقيقتها عند الله تعالى. وهو المنقولُ عن أبي مُطِيع البَلْخِي في الفقه الأكبر في نحو تلك المسائل. ولَعَمْرِي هو مَخْلَصٌ حَسَنٌ.

٣٤٦٠ - قوله: (قَاتَلَ اللَّهُ فُلَانًا) ... إلخ، وقد كان هذا الرجلُ أخذ قيمةَ الخمر من كتابيَ في الجِزْيَةِ، وأتى به إلى بيت المال في عهد عمر. وفي طُرُقهِ: «لِمَ لم يُوَكِّلْ عليها كافرًا يَبِيعُهَا (٢)، فيأخذ ثمنها منه، فَدَلَّ على مسألة الحنفية: أن مسلمًا لو وَكَّل كافرًا ببيع الخمر، طَابَ له الثمن.

٣٤٦٣ - قوله: (بَادَرَني عَبْدِي) يعني أن الموتَ كان آتِيهِ لا محالة، ولكنه بادرني.

٥٣ - باب حَدِيثُ أَبْرَصَ وَأَعْمَى وَأَقْرَعَ فِى بَنِي إِسْرَائِيلَ

٣٤٦٤ - حَدَّثَنِى أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا


(١) في "المعتصر من المختصر من مشكل الآثار": أي لا حَرَجَ في ترك الحديث عنهم، فَأَبَاحَ الحديثَ ليعلم ما كان فيهم من العجائب، لأن الأنبياءَ كانت تَسُوسُهم، كلَّما مات نبيٌّ قام نبيٌّ ليتَّعِظُوا. ورَفْعُ الحرج عنهم في تركه بخلاف التحدُّث عنه صلى الله عليه وسلم، لأنهم مأمورون بالتبليغ عنه، فلهذا قال: "بلِّغُوا عنِّي، ولو آية".
فَذُقْ، فإنه لطيفٌ جدًا، واعْتَنَيْتُ بكلماته من هذا الكتاب، ما لم أَعْتَنِ بغيره، لكونها بلغت نهاية الدِّقَّة. ولَعَمْرِي قد أتى في الأبواب كلِّها على غرائب بِوَجَازةٍ لم أرَ غيره أتى بمثله. كيف لا! وهو إمامٌ في الحديث، قلَّما سَمَحَ الزمانُ بمثله. وكانت عندي نسخة "مشكل الآثار" أيضًا، ولم أَضَنَّ بنقولها أيضًا، لكن الأسف أنها كانت مُنْخَرِمَةً، لم يُطْبَعْ منها المجلد الخامس، فكافأتها بنقولٍ من "المعتصر". ولقد أَجَادَ القاضي في تلخيصه، فبرَّد الله مضجعه، مع أنه قد رتَّب كتابه على الأبواب الفقهية، فصار كأنه الماء العذب. وأمَّا "مشكل الآثار"، فلا ترتيبَ فيه، ولا تَجِدْ فيه حديثًا إلَّا بعد عناءٍ تامٍّ، وقد قاسيته إرفادًا للعلماء والفضلاء، وطمعًا في دعوةٍ صالحةٍ تَلحَقُنِي في حياتي، وبعد مماتي.
(٢) قلت: وأخرجه الحافظ في "البيوع - من باب: لا يذاب شحم الميتة، ولا يباع ودكه" قال ابن الجوزي، والقرطبي، وغيرهما: اختلف في كيفية بيع سمرة للخمر، فقد أخرج مسلم في قصة: أن سمرة باع خمرًا، فقال: قاتل الله سمرة، على ثلاثة أقوال: أحدها: أنه أخذها من أهل الكتاب عن قيمة الجزية، فباعها منهم، معتقدًا جواز ذلك، وهذا حكاه ابن الجوزي عن ابن باصر، ورجحه، وقال: كان ينبغي أن يوليهم بيعها، فلا يدخل في محظور، وإن أخذ ثمنها منهم بعد ذلك، لأنه لم يتعاط محرمًا، ويكون شبيهًا بقصة بريرة، حيث قال: هو عليها صدقة، ولنا هدية، ثم ذكر احتمالين آخرين، ثم قال: قال القرطبي تبعًا لابن الجوزي، والأشبه الأول، اهـ مختصرًا: (٤/ ٢٧٢) "فتح الباري".

<<  <  ج: ص:  >  >>