للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَنَسًا مَا سَمِعْتَ نَبِىَّ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فِى الثُّومِ فَقَالَ قَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ فَلَا يَقْرَبْنَا، أَوْ لَا يُصَلِّيَنَّ مَعَنَا». طرفه ٥٤٥١ - تحفة ١٠٤٠

ويُسْتَبْعَدُ من المصنِّف رحمه الله تعالى أنه صَدَرَ أولا بقول النبي صلى الله عليه وسلّم ثم رواه بالمعنى. ولم يَفْعَل كذلك في موضعٍ من كتابه غير هذا. واعلم أن كلَّ شيءٍ له رائحةٌ كريهةٌ يُكْرَهُ أن يَذْهَبَ به إلى المسجد. وكذا يُكْرَه له أن يَدْخُلَ في المسجد، وريحُه في فمه. ولعلَّ تلك الكراهة فوق التنزيه لِمَا في الفِقْهِ: أن السَّمَّاك لو كان القومُ يتأذَّى منه، يجوز إخراجه من المسجد. وكذا الجذامي، والمبروص. وفي «الموطأ» لمالك: «أنهم كانوا يَطْرُدُونَ نحو هؤلاء من المسجد إلى البقيع». وهي المسألةُ في قراءتهم الأذكار في هذا الحال، فينبغي أن لا يُجِيبَ المؤذنَ وهو يأكل النتن، ولا يَدْخُلُ المسجدَ إلا بعد إزالة رائحته. وفي الحديث: «إنكم إذا استيقظتم من الليل فنظِّفُوا فَمَكم، فإنكم ما تكلَّمُون بكلمةٍ من الذكر إلا يَضَعُها المَلَكُ في بطنه - بالمعنى.

وتفرَّد ابن حَزْم حيث ذَهَبَ إلى حُرْمَة هذه الأشياء، لأنها مانعةٌ عن الجماعة، وهي فرضُ عينٍ عنده. وقال الجمهور: إنها حلالٌ كلُّها، إلا أنها ممنوعةٌ في الأوقاتِ المخصوصةِ لأجل العوارض، فليست فيها كراهةُ الأكل، بل كراهةُ الذكر، أو الإتيان إلى المسجد بعد الأكل.

والعجبُ على تَهَوُّرِ هؤلاء الذين يَحْكُمُون بالحُرْمَةِ على الأشياء التي أُكِلَت في عصر النبوة وحضرتها. فإذن هي حلالٌ إِلا ماوقع في بعض الكُتُب من حُرْمة النتن أو التمباك، فالوجهُ فيه أنهم صَرَّحُوا أن المباحَ في نفسه قد يَصِيرُ حرامًا من حكم الأمير من جهة أن الله أمر بطاعتهم، فقال: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} فحينئذٍ لو رَأَى الأميرُ أن يَمْنَعَ الناسَ عن أكل شيءٍ لمصلحةٍ بَدَتْ له، يجب عليهم أن لا يَأْكُلُوه، ويَحْرُم عليهم. إِلا أن تلك الحُرْمة تَقْتَصِرُ على مدَّة إمارته فقط، ولا يتجاوزها، فهي حرمةٌ مؤقَّتةٌ. ومن هذا الباب تحريم التمباك، فإنه قد نهى عنه بعض السلاطين، فاحفظه.

قوله: (فلا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا)، مع أنه لم يكن في خَيْبَر مسجدٌ، فإذن هو مسجدٌ عارضيٌّ كان يُعَدُّ للصلاة ما دام القيام هناك، كما مرَّ منا من قبل.

[فائدة]

واعلم أن الزَّيْلَعِيَّ إذا يُخَرِّجُ حديثًا غريبًا، يُنَبِّهُ أولا على غرابته، ثم يُخَرِّجُ ما يكون في معناه. بخلاف الحافظ، فإنه يُخَرِّجُ أحاديث الشافعية، ولا يُنَبِّهُ على غرابتها.

١٦١ - باب وُضُوءِ الصِّبْيَانِ، وَمَتَى يَجِبُ عَلَيْهِمُ الْغَسْلُ وَالطُّهُورُ وَحُضُورِهِمِ الْجَمَاعَةَ وَالْعِيدَيْنِ وَالْجَنَائِزَ، وَصُفُوفِهِمْ

٨٥٧ - حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى قَالَ حَدَّثَنِى غُنْدَرٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ سُلَيْمَانَ الشَّيْبَانِىَّ قَالَ سَمِعْتُ الشَّعْبِىَّ قَالَ أَخْبَرَنِى مَنْ مَرَّ مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى قَبْرٍ مَنْبُوذٍ، فَأَمَّهُمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>