وقد عَلِمْتَ من عاداتِ المصنِّف رحمه الله تعالى أَنَّ رجحانِه قَدْ يكون إلى جانب ولا يريد الإِفصاح به، فيضع هناك لفظ «من» كأنَّه يعزوه إلى قائل مُبْهم، ولا يَتكفل به قوله:«وإني على سرير» ... الخ وعدَّه المصنِّف رحمه الله تعالى مِنْ جِنْس المرور ولمَّا كان هذا النَّوع مِنَ المرور غير قاطع، عُلم أَنَّه لا يَقْطَع الصَّلاة شيء وهذا أيضًا مِنْ عاداتِ المصنِّف رحمه الله تعالى أَنَّه إذا اختار جانبًا ذَهَب يهدر جانبًا آخر كأنَّه لم يرد فيه شيء، قلنا كَيْفَ وقد صَحَّ فيه أحاديث عند مُسْلِم وأبي داود مِنْ أَنَّ الحمار والمرأة والكلب قاطعٌ للصَّلاةِ بأي معنىً كان، وإنَّما يَثْبُت خلافه إذا ثَبَت في حديث أَنَّ تلك الأشياء الثلاثة لا تَقْطَع الصَّلاة، فإِنْ أَرَاد بالقَطْعِ القطعَ فقهًا فمن أَنْكَره، ونحن أيضًا نقول: إنَّها لا تقطع بمعنى أَنَّها لا توجِب البطلان، أما إنَّها لا تقطع أصلا فلا نقول به.
وتدخل فيه مسألتان: الأولى: مسألة الحمل. والثانية: مسألة ثياب الصبي. أَمَّا الحمل فإِنْ كان بالإِشارة فهو عَمَلٌ قليل كما في عالمكيرية، وإِنْ كان الاستمْسَاك فهو عملٌ كثير وفي الخارج أَنَّه كان يُشير بها بالنُّزول عند الركوع ولا بد، فَعَبَّر الراوي عن تَعلقُها بنفسِها، وعَنْ إشارتِه إيَّاها أنَّه صلَّى وهو حاملٌ لها، وإذا رَكَع وضعها، وما للرُّواة وللأنظار الفقهية فهذا توسع لا غير.
قلت: فأين ذهب رفع اليدين؟ وإنَّما فَعَلَ النبي كذلك وهو في الصَّلاة بيانًا للجواز وهو