فائدة مهمة في: بيانِ ما وقعَ منهم في الْجَرْح والتعديل يَنْبَغي الاعتناءُ بها
واعلم أن ما جَرَّبناه في هذا الباب وَسَيُجَرِّبُهُ مَنْ كان لم يجرِّبْه: أنهم في غير مَوْضع الخلاف لا يَرَوْن ألا حال الرَّاوي بحسب الظاهر. فإن كان عندهم قائمًا صائمًا لا يخالِفُ ظاهرَ الشَّرْع ويتعاطى العلم يوثِّقُونه بلا نكير، حتى رأيتُ أنه وَثَّقُوا بَعْضَ مَنْ رُمُوا بالكُفْر ولم يجرِّحُوه بإِكْفَارٍ أحدٍ عند ثبوت صلاحه عندهم، نعم إذا دخلوا في موضع الخلاف فليست لهمِ ضابطةٌ فيه ولا سيما في حقِّ الحنفية. فإنَّ المحدِّثين لم يزالوا منهم في سَخَط، حتى إن بَعْضَهُم تأخَّر عن أَخْذِ حديثهم أيضًا. فانْظُر إلى تَحَامُلِ القوم إنهم يأخذون من نحو عبد الرَّزَّاقِ مع كونه شِيعيًا وإن لم يكن سابًا للصحابة رضي الله عنهم وهم مع ذلك عن أحاديث الحنفية لمعرِضُون.
فالذي ينبغي الاعتماد عليه في هذا الباب أن يُنْظَر إلى حال الرَّجُل نَفْسِه، فإنْ تحقَّقَ عندنا بعد السَّبْرِ صلاحُهُ وحِفْظُهُ فإِذَن لا نعمل فيه بقوْلهم، إن رضا الناس غايةٌ لا تُدْرِك، ونعملُ بما جَرَّبنا فيه وعَلِمنا من حاله، فإن البيان ليس كالعيان. نعم إذا لم تُعْلم حالهُ فإذن ليس لنا فيه سبيلٌ إلاّ بالاعتماد على ما قالوا. لا أريد به رَفْعَ الأمانِ عن ما قالوه، بل أريدُ بيانَ مرتبة الأَخْذِ بما قالوه. فعليك أن تتأمل فيه لتنجلي لك حقيقةُ الحال.
٢٢ - باب النَّحْرِ وَالذَّبْحِ يَوْمَ النَّحْرِ بِالْمُصَلَّى