الصلاة والسلام. فإن الذبيحَ عندي اثنان. وكان إسحاقُ عليه الصلاة والسَّلام قُرِّبَ به في بيت المقدس، وإسماعيلُ عليه الصلاة والسلام في مكة، فكانتا قِبْلَتَيْنِ لبني إسرائيل، وبني إسماعيل.
فإذا عَلِمْتَ أنهما قِبْلَتَان إبراهيميتان، وأن الذبيحَ اثنان. وأنه ما معنى قوله:«أنا ابن الذبيحين»، فاعلم أن التقسيمَ بينهما، كان إمَّا باعتبار البلاد، أو الأقوام. فكان أهلُ المدينة يَسْتَقْبِلُون بيت المقدس لكونهم في عِدَاد من كانت قبلتهم بيت المَقْدِس، فمشى عليه النبيُّ صلى الله عليه وسلّم إلى ستة عشر، أو سبعة عشر شهرًا، وحينئذٍ لا يَحْتَاج إلى القول بالنَّسْخِ.
قوله:(ثُمَّ أَيْنَمَا أَدْرَكَتْكَ الصَّلَاةُ فَصَلِّهْ) وقَد مرَّ منِّي: أن مراقبةَ الأوقاتِ كانت أهمَّ قبل بناء المساجد، وبعد بنائها صارت الصلاة فيها مطلوبةً. فالزمانُ والمكانُ كلاهما مطلوبان في شرعنا، وإن كان أحدُهما أَقْدَمَ من الآخر.
٣٣٧٠ - قوله:(كما بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وعلى آل إبراهيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ) وفيه إشارةٌ (١) إلى ما في القرآن من لفظ الملائكة لمَّا نَزَلُوا على إبراهيم عليه الصلاة والسلام، فقالوا:{رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ}[هود: ٧٣].
٣٣٧١ - قوله:(بكلمات الله التَّامَّةِ). وكلماتُه تعالى تامَّةٌ كلُّها بلا ريب. أمَّا الهَامَّةُ، فقيل: إنها المُؤْذِيَات، وقيل: الهَامَة - بتخفيف الميم: حيوانٌ من خصائصه الخَرَابُ حيثما تصوَّت. وقيل: كان طائرٌ يَخْرُجُ من رأس المقتول، يقول: اسقوني اسقوني، حتى يُؤْخَذَ بدمه. وكان كلُّ ذلك من معتقداتهم السوآى.
٣٣٧١ - قوله:(عَيْنٍ لَامَّةٍ): أي التي تَلُمُّ بِكَ "جو بهئكنى والى هو".
(١) قال الشيخُ العينيُّ: هذا ليس من باب إلحاق الناقص بالكامل، بل من باب بيان حال ما لا يُعْرَفُ بما يُعْرَفُ، وما عُرِفَ من الصلاة على إبراهيم، وآله، ليس إلَّا في قوله تعالى: {رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ} اهـ "عمدة القاري".