فيه إطلاقُ الشخص على ذاته تعالى، مع عدم صُلُوحه لغةً، فهو أيضًا مبنيٌّ على التجريد والانسلاخ عن معناه الأصليِّ. ونُوقِشَ (١) أن الحديث في مورد النفي، والمقصودُ هو إثباتُ إطلاقه عليه تعالى. قلتُ: فلينظر في أن «من» التفضيلية إذا وَرَدَتْ بعد النفي، فهل يكون فيه إطلاق المنفي على مدخولها، أو لا؟.
٢١ - باب {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً}[الأنعام: ١٩]
وَسَمَّى اللهُ تَعَالَى نَفْسَهُ شَيْئًا، قُلِ اللهُ، وَسَمَّى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - الْقُرْآنَ شَيْئًا، وَهْوَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ اللَّهِ. وَقَالَ:{كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ}[القصص: ٨٨].
(١) قلت: ونحوه تكلموا في قوله صلى الله عليه وسلم: إن الله لا يمل حتى تملوا، قالوا فيه ما معناه: هل فيه إثبات الملال لله تعالى، أو نفيه عنه؟ فأجاب عنه الطحاوي في "مشكله" ص ٢٧٤ - ج ١، ونعم الجواب، فقال ما حاصله: إنه كلام مخرج على حد قولهم: لا ينقطع فلان من خصومة خصمه، حتى ينقطع خصمه، فإنهم لا يريدون بذلك أنه ينقطع بعد انقطاع خصمه، ولكنهم يريدون أنه لا ينقطع بعد انقطاع خصمه عنه، فمثل ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يمل الله. الخ، أي أنكم قد تملون فتنقطعون، والله بعد مللكم وانقطاعكم، على الحال التي كان عليها قبل ذلك، من انتفاه الملل والانقطاع، والله تعالى أعلم بالصواب.