قوله:(شُعْبَة): وهو واسطي، وعلمه من أهل الكوفة، وكذلك شيخه عمرو بن مُرَّة، وهكذا إسناد ابن مسعود رضي الله عنه كلُّه من أهل الكوفة.
قوله:(هذًّا كَهَذِّ الشَّعْر)، ولعلَّهم إذا لم يَتَغَنُّوا هذُّوا به، والمراد منه القراءة بالسرعة. ولعلَّ التشبيه بهذِّ الشَّعْر باعتبار هَذِّهم عند الحفظ، وإلا فهم كانوا يَنْشِدُون الأشعار بتمطيطٍ وتطويلٍ، لا بالسرعة.
قوله:(النظائر)، وفي بعض النُّسُخ:«القرائن»، وكنت أراه بمعنى المتناسبة فقط. ثم رأيتُ في القاموس أن القَرينين يقال للبَعِيريْن كانوا يَشُدُّونهما في حبلٍ بشجرةٍ: واحدًا في هذا الطرف، والآخر في ذلك الطرف. ولعلَّهم كانوا يَشُدُّونهما لمناسبةٍ في طبعهما ليستأنسا بهذا الطريق، فلا يفترقا. ويُقَال لهما: القرينان، ويُقَال لهذا الحبل الذي يُقْرَنُ به البعير القَرْن، فحينئذ ذُقْتُ حلاوة هذا اللفظ، فإنه يَدُلُّ على التناسُبِ الشديدِ بين هاتين السورتين، لا على المناسبة في الجملة، فكانت هَاتِيكَ النظائر متناسبة بحيث لا يمكن افتراقها كالقرينين من البعير.
قوله:(فَذَكَرَ عِشْرِين سُورَةً)، واستدلَّ منه الكِرْمَاني الشافعي على أن الوترَ ركعةٌ، لأن المعروفَ في عدد ركعاته صلى الله عليه وسلّم إحدى عشرة، فإِذا صارت عشرون سورةً لعشر ركعاتٍ، سورتان في كل ركعةٍ، لَزِمَ أن يكون الوترُ ركعةً، تمامًا لإحدى عشرة. قلتُ: لِمَ لا يجوز أن تكونَ صلاتُه ثلاث عشرة ركعة؟ فصارت عشرون سورةً لعشر ركعاتٍ، وبقيت الثلاث للوتر. كيف، وقد عدَّ أُبَيُّ بن كعب رضي الله عنه تلك السور مفصَّلة، كما هو عند أبي داود (١).
١٠٧ - باب يَقْرَأُ فِى الأُخْرَيَيْنِ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ
(١) أخرج أبو داود في باب: ما يقرأ في الوتر عن أُبَيِّ بن كعب قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يُوتِرُ بـ: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (١)}، و: {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (١)}، و {اللَّهُ الصَّمَدُ} - المراد منه: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} وقد وَرَدَ في غير واحدٍ من الروايات: "أنها كانت في ثلاث ركعات"، فدلَّ على أن الوترَ عند أُبيِّ بن كعب ثلاث ركعات، وإذن لا تكون صلاة الليل إلا ثلات عشرة ركعةً، وذلك ما أردناه.