كان مشبَّهًا بالجنة والنار، ولكنه يُطْلَقُ عليه الجنة والنار. وهذا ما قلتُ: إن الضميرَ في قوله تعالَى يَرْجِعُ إلى المسيحِ عليه الصلاة السلام نفسه، فإن شَبَهَ المسيح لا يُقَالُ له إلَاّ المسيح عليه الصلاة والسلام، وقد قرَّرناه مبسوطًا فيما مرَّ.
قوله:(فالتي يَقُولُ: إنَّهَا الجَنَّةُ هِيَ الناَّرُ)، يحتملُ أن يكونَ معناه: من يَدْخُلُ جنته يكون مآله إلى النار، ويحتملُ: أنه من يَدْخُلُ فيها يَحْتَرِقُ ويَمُوتُ.
قوله:(قال ابن عبَّاس: يُذْكَرُ بِخَيْرٍ): "نيك نام" تفسيرٌ لقوله: ({وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (١٢٩) سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ (١٣٠)}) ... [الصافات: ١٢٩ - ١٣٠] إلخ، ويُذْكَرُ عن ابن مسعود، وابن عباس: إن إلياسَ هو إدريسُ.
واعلم أن ههنا مقامين: الأوَّلُ: في الترتيب بين إدريس، ونوح عليهما السلام. فقيل: إن إدريسَ عليه الصلاة والسلام نبيٌّ متأخِّرٌ عن نوحٍ عليه الصلاة والسلام، وحينئذٍ لا يَجِبُ كونه من أجداد النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وقيل: إنه متقدِّمٌ عليه. ولمَّا كان نوحُ عليه الصلاة والسلام من أجداد النبيِّ صلى الله عليه وسلّم كان إدريسُ عليه الصلاة والسلام المتقدِّم عنه من أجداده صلى الله عليه وسلّم بالأَوْلَى. والمصنِّفُ أخَّر ذكرَه عن نوحٍ عليه الصلاة والسلام بناءً على كونه بعده، وحينئذٍ لا يَلْزَمُ أن يكونَ من أجداده صلى الله عليه وسلّم ولكن يُشْكِلُ عليه ما في نسخة الباريِّ لابن عساكر. «وهو جدُّ أبي نوحٍ، أو جدّ نوحٍ»، فإنها تَدُلُّ على كون إدلايسَ عليه الصلاة والسلام متقدِّمًا على نوحٍ عليه الصلاة والسلام، لكونه من أجداده. ووضْعُهُ في التراجم بعد نوحٍ عليه الصلاة والسلام، يَدُلُّ على كونه متأخِّرًا عنه، فلا يكونُ من أجداده.
قلتُ: لو ثَبَتَتْ نسخة ابن عساكر من جهة المصنِّف. وَجَبَ أن تكونَ تجرمةُ إدريس عليه السلام متقدِّمةً على نوح عليه الصلاة والسلام، لكونه من أجداده على هذه النسخة.
إلَاّ أن يُقَالَ: إن المصنِّفَ اتَّبَعَ ف يترتيب التراجم القول المشهور عند الناس من تقدُّم نوحٍ عليه الصلاة والسلام، ثم ذكر رجحانه إلى تقدُّم إدريس عليه الصلاة والسلام، وأشار إليه بقوله:«وهو جَدُّ نوحٍ عليه الصلاة والسلام». وهكذا فَعَلَ في «المغازي» أيضًا.
والمقام الثاني: أن إدريسَ، وإلياسَ عليهما الصلاة والسلام، هل هما نبيَّان، أو