الأولى: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سُئل عما يلبس المحرم؟ فأجاب بما لا يلبس، وذلك لما كان أقل وأحقر، ما نقول له أخصر، وذلك غاية البيان ونهاية الفصاحة. والثانية: قوله: "من الثياب" يريد من أنواع الثياب، كما يقال: ما يأكل الإنسان من الطعام، يريد من أصنافه وأنواعه. الثالثة: قوله: "لا تلبسوا القميص، ولا السراويل، ولا البَرَانِس"، فنهاه عن أصولِ أنواع المخيط، فللمطلوب أصلٌ فيما يعمُّ البدن من المخيط وستره، والسراويل أصلٌ فيما يعمُّ العورةَ من المخيط، والبرنس أصلٌ فيما يحل على المنكبين مخيطًا. الرابعة: قوله: "ولا العمائم". وذلك أصلٌ في كشف الرأس عن كل نوع يستره. الخامسة: قوله: "ولا الخفاف" وذلك أصلٌ فيما يستُرُ الرِّجلين عن الغسل. السادسة: قوله: "ولا تلبسوا من الثياب ثوبًا فيه زعفران، أو ورس"، كان ذلك أصلًا في اجتناب الثياب المصبغة بالطيب. وما يُشمُّ فهو الطيب، فإنَّ الزعفران أطيب. والوَرس -وإن لم يكن طيبًا- فله رائحة طيبة، فأراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يبين الطيب المحظور، وما يُشبِهُ الطيب في ملاذ الشم واستحسانه يكون الحج شَعِثًا تَفِلًا لساعة الإِحرام، وتفله لشيء من ذلك، كان قبل الإِحرام، كما يدفنُ الشهيد بدمه، من جرح القتل، ويُغسَلَ دمٌ، وبولٌ، وعَذِرَةٌ كانت قبل الإِحرام، أو من غير ذلك الدم. ثم ذكر في قوله: "وليقطعه أسفل من الكعبين"، حتى يكشف رجليه، فإنَّ الله يبعثُ الخلق حفاةً عراةً ... إلخ.