ثمَّ نَقَل عن الحافظِ ابن رَجب: أَنَّ قومًا مِنْ أَهْلِ الحديث قد ذَهَبُوا إلى أَنَّ هذه الأعمال تُكَفِّر الكبائر منهم أبو محمد عليُّ بنُ حزم، وقد وَقَعَ نحوه في كلامِ ابنِ المُنْذِرِ في قيام ليلة القدر. قال: يُرْجى لِمَنْ قامها أَنْ يَغْفِر له جميعَ ذنوبِه كبِيرَها وصغيرَها. ثم رد على هؤلاء وأطال فيه فراجعه من ص ١٨ ج ١ عقيدة السَّفَارِيني. (٢) قلتُ: وههنا كلام لطيف للشيخ محمود الحسن الشهير بشيخِ الهند رحمه الله تعالى ونَوَّر الله ضريحه، أَذْكُره إتحافًا للناظرين قال. في آية: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ}: أنَّ التكفيرَ ههنا راجعٌ إلى مقدماتِ تلك الكبيرة، فالكبائر هي الغايات والمقاصد. أَمَّا المقدِّمات لها أو الوسيلة إليها التي لا تراد لنفسها، فهي الصَّغَائِر فمعنى الآية: أيُّها النَّاس إِنْ تجتنبوا عن الكبائِر خشيةً مِنْ رَبِّكم نكفِّر عنكم ما فَرَّطتُم في تمهيداتِ تلك الكبائر مِنَّةً منَّا. قلتُ: وعلى هذا أمكن أَنْ تَكُون القُبلة كبيرة تارة وصغيرة أخرى، فإن كان المقصودُ هي، فهي كبيرة، وإن كانت مقدمة الزِّنَى والعياذ بالله فلعلها تكون صغيرة، ثم إِنَّكَ تَعْلَم أَنَّ تَفْصِيلَ الصغيرة والكبيرة فيما لم يُصِرّ عليها، أَمَّا إذا أَصرَّ وتَهَوَّر فكل صغيرةٍ تصيرُ كبيرة، فما في الزَّيْلَعي محمولٌ على صدورِها اتفاقًا، لا عَنْ عمدٍ، وكنتُ راجعتُ فيه عن شيخي رحمه الله تعالى ثم نسيت جوابه، وأمكَنَ أَنْ يكونَ هذا هو مرادَه إلا أني لم أنسبه إليهِ لأنّي لا أَذْكُره الآن. والله تعالى أعلم.