للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ فَتَلَوَّنَ وَجْهُهُ ثُمَّ قَالَ «اسْقِ يَا زُبَيْرُ ثُمَّ احْبِسِ الْمَاءَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَى الْجَدْرِ، ثُمَّ أَرْسِلِ الْمَاءَ إِلَى جَارِكَ». وَاسْتَوْعَى النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - لِلزُّبَيْرِ حَقَّهُ فِى صَرِيحِ الْحُكْمِ حِينَ أَحْفَظَهُ الأَنْصَارِىُّ، كَانَ أَشَارَ عَلَيْهِمَا بِأَمْرٍ لَهُمَا فِيهِ سَعَةٌ. قَالَ الزُّبَيْرُ فَمَا أَحْسِبُ هَذِهِ الآيَاتِ إِلَّا نَزَلَتْ فِى ذَلِكَ {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء: ٦٥]. أطرافه ٢٣٦٠، ٢٣٦١، ٢٣٦٢، ٢٧٠٨ - تحفة ٣٦٣٤ - ٥٨/ ٦

١٢ - باب {فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ} [النساء: ٦٩]

٤٥٨٦ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوْشَبٍ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ «مَا مِنْ نَبِىٍّ يَمْرَضُ إِلَّا خُيِّرَ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ». وَكَانَ فِى شَكْوَاهُ الَّذِى قُبِضَ فِيهِ أَخَذَتْهُ بُحَّةٌ شَدِيدَةٌ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ {مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ} [النساء: ٦٩] فَعَلِمْتُ أَنَّهُ خُيِّرَ. أطرافه ٤٤٣٥، ٤٤٣٦، ٤٤٣٧، ٤٤٦٣، ٦٣٤٨، ٦٥٠٩ - تحفة ١٦٣٣٨

وفَسَّره العلماءُ بِتَفْسيرَيْن. فالبيضاويُّ فَسَّره بالحُكَّام. وبَعْضُهم فَسَّره بالعلماء، ولهم على ذلك أَثَرٌ عن ابن مسعود. قال البَيْضَاويُّ: إنَّ العلماءَ ليسوا بِقِسْمٍ مُستقلّ، لكونِهم ناقلين فقط، فهؤلاء قد دخلوا في قوله: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ} نعم الحُكَّام قِسْمٌ مُستقلّ، فالتفسيرُ بهم أَوْلى. وعندي (١) العلماءُ أيضًا مِن أُولي الأَمْر. وقد أَطال الرَّازي الكلامَ في تفسيره، واستنبط منه الأُصولَ الأربعةَ، أما كتابُ الله والسُّنة فظاهِرٌ، وأما الإِجماع فداخل في قوله: {وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}، وأما القياس ففي قوله: {فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} وقد أصاب الرَّازي في ذلك. ومنهم مَنْ أَنْكر كَوْنَ العلماء أُولي الأَمْرِ.

قلتُ: كيف وقد أُطْلق عليهم في قوله تعالى: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} فالعلماءُ أيضًا مِن أولي الأَمْر، وقد مر معناه أنَّ بَعْضَ المباحات قد تصيرُ واجباتٍ بأَمْر الحُكَّام، لكونهم من أُولي الأَمْر، وقد أمرنا بإِطاعتهم أيضًا، إلا أنَّ وجوبَها يَقْتَصِر على زمن وِلايتهم.


(١) قلتُ: قاد الطحاوي في "مُشْكِل الآثار"، بعدما أخرج الحديث عن عمر: إن المرادَ بالمستنبطين المذكورين في الآية المذكورةِ فيهم، هم أُولو الخَيْر والعِلْم، الذين تُؤخذ منهم أمورُ الدِّين. ثُم أخرج نحوه عن جابر، وعطاء، ومَيْمُون بن مِهْران: أَن أُولي الأَمْر هم أَهْلُ الفِقْه والعِلْم. ثُم نقل حديثًا عن ابن عباس، يدلُّ على أن قوله تعالى: {وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} نزل في عبد الله بن حُذَافة، وكان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بَعَثه أميرًا على سَرِيّة، وكذلك رُوي عن أبي هريرة أنهم أُمراءُ السَّرايا، ثُم أجابَ أنَّ أُولي المأمورين بطاعتهم هم مَنْ هذه صِفَتُهم، أي أَهْل الفِقْه والعلم، أمراءَ كانوا أَو غيرَ أمراءَ. انتهى مختصرًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>