٣٢٩٣ - قوله:(مَنْ قَالَ: لا إِلهَ إِلَاّ اللَّهُ، ... مِئةَ مَرَّةٍ كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ) فَمَنْ قَالَها عشر مرات يَحْصُلُ له ثواب عتق رقبة، هذا هو الأصل عند الحافظ. والمختارُ عندي ما عند الترمذيِّ، أي ثواب رقبة لمن قَالَها مرَّةً واحدةً، فهي رواية البخاريِّ وَهْمٌ من الراوي. والأصلُ:«من قالها عشر مرات، كانت له عَدْل عشر رقاب» ... إلخ. والله تعالى أعلم بحقيقة الحال.
١٢ - باب ذِكْرِ الْجِنِّ (١) وَثَوَابِهِمْ وَعِقَابِهِمْ
ونُسِبَ إلى إمامنا في الفقه: أن لا ثوابَ لهم ولا عِقَابَ. ورأيتُ في الخارج: فيه مناظرةٌ بين أبي حنيفة، ومالك، فكان مالكُ يقولُ بدخولهم في الجنَّة، ويَقْرَأُ آيةً، وأبو حنيفة يُنْكِرْهُ، ويتلو آيةً، إلَاّ أنه لم يَذْكُرْ تلك الآيات. والذي تبيَّن لي في هذا الباب: أنهم يكونون تَبَعًا لنا في الجنَّة، كما أنهم تَبَعٌ لنا في الدنيا، فيأكلون زَادَهم مما أَفْضَلْنَا لهم، وكذلك لا يَسْكُنُون إلَاّ في الغيران والجبال، أي في الحواشي والأطراف، ونحن نَسْكُنْ في متن العمرانات، ولعلَّه ذلك حالَهم في الجنَّة، فيستمتعون بما يَتْرُكُ لهم الإِنسُ من المطاعم، والمشارب، والأماكن. ولعلَّ هذا هو الذي أراده إمامُنَا، فحرَّف الناسُ في النقل، وعَزُوا إليه النفيَ مطلقًا.
(١) وقد بَسَطَ الحافظُ في تحقيقهم، وما يتعلَّق بأحكامهم في "الفتح"، ونقل عن لَيْث بن سليم قال: ثَوَابُ الجنِّ أن يُجارُوا من النار، ثم يُقَالُ لهم: كونوا تُرَابًا، ورُوِيَ عن أبي حنيفة نحو هذا القول. ثم نقل الاختلاف في أنهم يَدْخُلون مدخل الإِنس، أولًا، فذكر فيه أقوالًا: منها: أنهم يكونون في رَبَضِ الجنة، وهو منقولٌ عن مالك، وطائفةٍ، وإليه يُومِىءُ كلام الشيخ رحمه الله تعالى. وتكلَّم الشيخ العينيُّ في تحقيق إبليس في "العمدة" مبسوطًا، وأبسط منه فيما يتعلَّق بمباحث الجن. وراجع "آكام المرجان" حيث الكتابُ كلُّه في هذا الموضوع.