بعد الفجر، كما في «قضيخان». إن الناسي لو أكل بعد الفجر، فصومه تامُّ. وعامَّتُهم إلى أن المرادَ هو الثاني، فَيَفْسُدُ صومه بأكله بعد الفجر. سواء تبيَّن أو لا أقولُ: ولا يُمْكِنُ الفصل فيه، لأنه من باب تعيين المراتب مع العمل باللفظ قلت: والذي ينبغي العملُ به هو نفس التبيّن. نعم إن أكل أحدٌ بعد الفجر، ولم يُسْفِرْ الفجرُ بَعْدُ، لا أقول: إنه يُكَفِّرُ، بل يقضي فقط (١).
١٧ - باب قَوْلِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -: «لَا يَمْنَعَنَّكُمْ مِنْ سَحُورِكُمْ أَذَانُ بِلَالٍ»
١٩٢٠ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ - رضى الله عنه - قَالَ كُنْتُ أَتَسَحَّرُ فِى أَهْلِى، ثُمَّ تَكُونُ سُرْعَتِى أَنْ أُدْرِكَ السُّجُودَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه ٥٧٧ - تحفة ٤٧٢٥
١٩ - باب قَدْرِ كَمْ بَيْنَ السَّحُورِ وَصَلَاةِ الْفَجْرِ
١٩٢١ - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ - رضى الله عنه - قَالَ تَسَحَّرْنَا مَعَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - ثُمَّ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ. قُلْتُ كَمْ كَانَ بَيْنَ الأَذَانِ وَالسَّحُورِ قَالَ قَدْرُ خَمْسِينَ آيَةً. طرفه ٥٧٥ - تحفة ٣٦٩٦
معنى التعجيل السرعة فيه، أي يَفْرُغُ عن سحوره بالعَجَلَةِ، ولا يطوِّل فيه، وليس مقابلا للتأخير. فلا يَرِدُ أن التأخيرَ مُسْتَحَبٌّ، فإن التعجيلَ ههنا باعتبار سرعة الأكل، والتأخيرَ هناك بحَسَبِ وقت السُّحُور، فاعلمه.
(١) قلت: وقد مرَّ من قبل: أن الحافظَ استشكل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "حتى يُؤَذِّنَ ابنُ أمِّ مَكتُوم"، ولم يكن يُؤَذِّن حتى يُقَالَ له: أصْبَحْتَ أصْبَحْتَ، فإذا كان غاية الأكلِ أذانُهُ، دلَّ على جواز الأكل بعد نفس التبيُّن أيضًا. وهناك حديثٌ آخر عند أبي داود قد مرَّ من قبل، وفيه أيضًا دليلٌ على ذلك. وروايةٌ أخرى عند الطحاوي من أن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - كان يُحَرِّمُ الطعامَ بعد ما يَخْرُجُ إليهم في المسجد، وذلك بعد الأذان قبل الصلاة. وروايةٌ أخرى عند الترمذيِّ ما يَدُلُّ على جواز الأكل إلى الأحمر، وهو بعد بعد الفجر. فكل ذلك أوْجَبَ شبهةً في الكفارة فَدَرَأْنَاهَا. وقد بَسَطَ الكلام عليه الشيخُ في درس الترمذيِّ.