قلتُ: وهو على حَدِّ قوله تعالى: {فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا} [طه: ٧٠] أي كأنهم دهشوا من معجزته، وغلِبوا من شوكَتها حتى خرجوا عن طوعهم ولم يبق لهم سبيل إلا إلى السجود، فسجدوا خارين على جباههم قائلين: {آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى} [طه: ٧٠] ويؤيدُهُ ما روى "البزار" بإسنادٍ صحيح عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كتِبت عنده سورة النجم، فلما بلغَ السجدةَ سجد وسجدنا معه، وسجَدتِ الدوَاةُ والقلمُ". وعند الدَّارقطني: "الجن والإنس والشجَر"، فإن التعَرُّضَ إلى سجدةِ الجمادات يَدُل على ندرَةِ نَفيها، فإن سجودها غريبٌ جِدا فذكره لغرابته، وإذن صَرفه إلى السجودِ المعهودِ بَعِيدٌ جدا.