اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يُرِيدُ أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الصَّلَاةِ، وَهَمَّ الْمُسْلِمُونَ أَنْ يَفْتَتِنُوا فِى صَلَاتِهِمْ فَرَحًا بِالنَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - حِينَ رَأَوْهُ، فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَنْ أَتِمُّوا، ثُمَّ دَخَلَ الْحُجْرَةَ وَأَرْخَى السِّتْرَ، وَتُوُفِّىَ ذَلِكَ الْيَوْمَ. أطرافه ٦٨٠، ٦٨١، ٧٥٤، ٤٤٤٨ - تحفة ١٥٦٥
والمشي الكثير مُفْسِدٌ عندنا إذا كان بثلاثِ خطواتٍ متوالياتٍ، أما إذا كانت متفاصلات فلا. كذا صرَّح به محمد بنُ الحسن رحمه الله تعالى في «السير الكبير» عند رواية حديث: «انفلات الدابة» الذي أخرجه البخاري رحمه الله تعالى في الصفحة التالية.
٧ - باب إِذَا دَعَتِ الأُمُّ وَلَدَهَا فِى الصَّلَاةِ
قال الفقهاء: إنَّ الجوابَ مُفْسِدٌ مطلقًا. ثُم إنه هل يجوزُ له ذلك أم لا؟ فإِنَّهم فَصَّلُوا فيه: فقالوا: يجوزُ في النافلة دون الفريضة. يعني أنه إنْ كان في النافلةِ يقطعُ صلاتَه ويجيب، وإن كان في الفريضة يَمْضِي فِيها. لا يقال: إنَّ الحديثَ يدلُّ على وجوبِ القَطْعِ مطلقًا بدون تفصيل بين الفريضةِ والنافلة، لدلالَتِه على استجابةِ دعاءِ أُمِّه عليه.
قلت: قد عَلِمت فيما مرَّ أن بابَ الدعاءِ غيرُ بابِ التشريع، فيمكنُ استجابةُ الدعاء مع كونِ المسألة عدَمَ الإِجابة أيضًا. كما في «المسند» أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلّم خرج مِن عند عائشةَ رضي الله عنها مرةً وقد قال لها: «قَطَع اللَّهُ يَدَيْكِ». ثُم رَجَع فرآها قد اعوجَّت يداها، فدعا لها فبرئت. وذلك لأنَّ السُّنَّة في الدعاء إجراؤه على الألفاظ، ولا يُرَاعي فيه الأَغراض. وفي كتاب «التعليم والمتعلم»: أنَّ شمسَ الأئمة الحَلْوَاني مَرِض مرةً، فحضر تلاميذُه لعيادَتِه ولم يحضر واحدٌ منهم. فلما جاء سُئِل عن سَببِ تَخَلُّفِه، قال: كانت أمي مريضةً ولم يكن هناك أحَدٌ يقومُ بها. فقال له: يُبارَكُ لك في عُمُرك، ولا يُبارَك لك في عِلْمِك، فهذا التلميذُ وإن اعتذر عذرًا صحيحًا، لكنه حُرِم من بركة في عِلْمه. ثم إنَّ الحَلْواني لم يقل له ذلك سَخطةً عنه، ولكنَّه بَيَّن له حقيقةَ الأمر، لما في الحديث:«أن خادِمَ الوالِدَين يُزادُ في عُمُره، وخادِمَ الأستاذ يُزاد في عِلْمِه». وهذا التلميذُ لَمَّا رجَّح جانِبَ عُمُرِه ذَكَّره الحلواني بالحديث. فجُرَيجٌ هذا أيضًا لم يكن عاصِيًا وإلا لم يُبَرِّئه صبيّ. ولكنه استُجِيب فيه دعاءُ أُمِّه على السُّنة التي في الدعاء.