واعلم أن حزبَ (١) مُسَيْلِمة كانوا أربعين ألفًا يُحَارِبُون من وراء جدار، وجماعةُ الصحابة كانت حوله، فلم يَنْجَحُوا، فقال أبو دُجَانة: لا يعنْكَشِفُ الأمرُ حتَّى تُعَلِّقُوني على قَصَبٍ، ثم تُلْقُوني وراء الجدار، ففعلوا. فَبَارَزَ أربعين ألفًا وحده. حتى اسْتُشْهِدَ. وكَسَرَ خالدٌ الجدارَ في تلك المدَّة، ودَخَل فيه عسكرُ المسلمين، وكانوا ستة آلاف، ثم فَتَحَ اللَّهُ لهم.
واعلم أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم لم يَقْتُلْ أحدًا من الكفَّار بيده الكريمة، غير أُبَيِّ بن خَلَف، فإنه كان يقول: إنِّي أُطْعِمُ فرسي كل يوم صاعًا من زبيبٍ، أُعِدُّه لقتالك - قاتله الله - فلمَّا وقعت غزوةُ أُحُدٍ، وأُذِيعَ موت رسول الله صلى الله عليه وسلّم جاء يُنَادِيه باسمه. فأراد الصحابةُ أن
(١) ذكر العيني تلك القصة، ولم يَذْكُرْ قصة تسوُّر الجدار، فليراجع "عمدة القاري".