ويستحب للآخرِ أن يأتي بما حلَف عليه، لئلا يكونَ حانِثًا، وإما يحلِف غيرُه وحينئذٍ لا يكون واحدٌ منهما حالِفًا.
قوله:(وَرَدِّ السَّلام) واتفق الكُلُّ على أن الجواب يكفي من واحدٍ من بين الجماعة مع ورود صيغ العموم، وهذا هو شاكِلَةُ الصَّيَغ في الفروض على الكفاية، فإِنَّ الخطاب فيها يكون مع الكل، ويكون المقصودُ الإتيانَ بها من المجموع من حيثُ المجموعُ. وهذا هو صنيعُ أحاديثِ إيجاب الفاتحة، فإنها مطلوبةٌ من المجموع على طريقِ الفَرْض على الكفاية، فأخذوها واجبةً على الكل كَفَرْض العين، ونحوه صنيعُ أحاديثِ السُّتْرة، فإِنَّ الخطاب فيها عامٌ، كأن وَضْعَ السترة على كلَ مع أنها إذا كانت للإِمام خرج الكلُّ عن العُهْدة.
وإنما تردُ تلك الأحاديثُ بهذا العمومِ لأنَّ المأمور به فيها قد يكون مطلوبًا مِن كلِّ واحدٍ أيضًا باعتبار أحوالِ الإِنسان، فإِنَّه إذا صلى مُنفرِدًا وجب له أن يَغْرِز السُّترةَ لنفسه، فإِذا كان مع الجماعةِ فإِمامُهُ قد كفى عن فريضة، وكذلك الفاتحة تجِب عليه عَينًا إذا صلَّى لنفسه، وإذا صَلَّى مع الجماعة صارت مطلوبةً من المجموع، ويتحملُها الإِمام عنه، فصارت قراءتُه له قراءةً. وهذه اعتباراتٌ يفهمهما المُنْصِفُ دون المتعسِّف، والله يهدي مَن يشاء إلى صراطٍ مستقيم.