قوله:(في غير إسراف، ولا مخيلة)، المخيلة ترجمته "ابنى جكه خيال كبر".
قوله:(ما شئت) حرف «ما» للتوقيت.
قوله:(ما أخطأتك اثنتان) أي ما دام أخطأتك اثنتان.
٥٧٨٣ - قوله:(من جرّ ثوبه خيلاء) وجرُّ الثوب ممنوعٌ عندنا مطلقًا، فهو إذن من أحكام اللباس، وقصرَ الشافعيةُ النهي على قيد المخيلة (١)، فإن كان الجرُّ بدون التكبر، فهو جائز، وإذن لا يكون الحديث من أحكام اللباس والأقرب ما ذهب إليه الحنفية، لأن الخُيَلاء ممنوع في نفسه، ولا اختصاص له بالجرِّ، وأما قوله صلى الله عليه وسلّم لأبي بكر:«إنك لست ممن يجر إزاره خيلاء»، ففيه تعليلٌ بأمر مناسب، وإن لم يكن مناطًا فعلة الإِباحة فيه عدمُ الاستمساكِ إلا بالتعهد، إلا أنه زاد عليه بأمر يفيد الإِباحة، ويؤكدها. ولعل المصنف أيضًا يوافقنا، فإنَّه أخرج الحديث في اللباس، وسؤال أبي بكر أيضًا يؤيد ما قلنا، فإنَّه يدلُّ على أنه حملَ النهي على العموم، ولو كان عنده قيدُ الخيلاء مناطًا للنهي، لما كان لسؤاله معنًى. والتعليل بأمر مناسب طريقٌ معهود. ولنا أن نقول أيضًا: إن جرّ الإِزار
(١) قال الخَطَّابي: إنما نهى عن الإِسبال لما فيه من النخوة والكِبْر، ثم قال: وقد روينا أن أبا بكر استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يسقطُ من الإِزار، فرخص له في ذلك، وقال: "لست منهم"، وكان السبب في ذلك ما علمه من نقاء سِرِّه، وأنه لا يقصد به الخُيَلاء والكِبر، وكان رجلًا نحيفًا، قليل اللحم، وكان لا يستمسكُ إزاره إذا شدَّه على حَقوه، فإذا سقط إزارَه جرَّه، فرخص له رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، وعَذَرَه اهـ. ص ١٩٥، وص ١٩٦ - ج ٤، "معالم السنن". وراجع معه: ص ١٩٧ - ج ٤ أيضًا.