للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أيضًا، إلَّا أنا لا نسمِّيه تفسيرًا. وإنما يَذُوق ما قلنا مَنْ كان له يدٌ في فنون البلاغة، ومَنْ كان ارتاض بالفنون العقلية، فإِنه يشمئز منه، ويمل، فليفعل، فإِن الحق أحقُّ أن يُتّبع.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

١١٣ - سُورَةُ: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبّ الْفَلَقِ (١)}

وَقالَ مُجَاهِدٌ: {الْفَلَقِ} الصُّبْحُ، و {غَاسِقٍ} اللَّيلُ. {إِذَا وَقَبَ} [٣] غُرُوبُ الشَّمْسِ؛ يُقَالُ: أَبْيَنُ مِنْ فَرَقِ وَفَلَقِ الصُّبْحِ. {وَقَبَ} إِذَا دَخَلَ في كُلِّ شَيءٍ وَأَظْلَمَ.

٤٩٧٦ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَاصِمٍ وَعَبْدَةَ عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ سَأَلْتُ أُبَىَّ بْنَ كَعْبٍ عَنِ الْمُعَوِّذَتَيْنِ فَقَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ قِيلَ لِى فَقُلْتُ فَنَحْنُ نَقُولُ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -. طرفه ٤٩٧٧ - تحفة ١٩

قوله: (فقال: قيل لي فقلت) واعلم أنه نُسِب إلى ابن مسعود أن المُعَوّذتين لم تكونا عنده من القرآن، وكان يقول: إنهما نزلتا للحوائج الوقتيةِ، كالتعوذ، فهما وظيفتانِ وقتيتان على شاكلةِ سائر الوظائف والأدعية، فلا يجوز إدخالُهما في القرآن، وكان يتمسك له مِن قوله: {قُلْ}، فإِنه يدل على تعليمه إياه، على طريق سائر الأدعية. فأجاب عنه زِرّ بن حُبَيش، وهو تلميذ ابنِ مسعود. وحاصله أنَّ النبي صلى الله عليه وسلّم قال له جبرئيلُ عليه الصلاة والسلام: {قُلْ} فقال كما أَمَره، فنحن أيضًا نقول كما قال النبيُّ صلى الله عليه وسلّم على أن {قُلْ} في سورة الإِخلاص أيضًا.

وبالجملة كان الخلافُ بينهما كالخلافِ في الرَّمَل في الحج، زعمه بَعْضُهم سُنةً وقتية، والجمهور على أنه سُنّة مستمرة، فهكذا كان ابنُ مسعود يراهما وظيفةً وقتية، لا أنه كان يُنْكر كَونَهما مُنْزَلَتين من السماء. وبحث فيه الحافظُ، وآل إلى أنه لم يكن يُنْكر قرآنيتِه، ولكنه كان يُنْكر كتابته في المصحف. ومَرّ عليه (١) بحرُ العلوم في «شَرْح مُسَلَّم


(١) قال في "الإِتقان": الأغلب على الظَنِّ أنّ نَقْل هذا المذهب عن ابن مسعود نَقْلُ باطل، وفيه نَقْل عن القاضي أبي بكر أنه لم يَصحّ هذا النَّقل عنه، ولا حُفِظ عنه. ونقل عن النووي في "شرح المهذب": أجمع المسلمونَ على أن المعوّذتين والفاتحة من القرآن، وأن مَنْ جحد شيئًا منها كَفَر، وما نُقِل عن ابن مسعود باطلٌ غيرُ صحيح. وفيه أيضًا قال ابنُ حَزْم: هذا كَذِب على ابن مسعود مَوْضُوع، وإنما صح عنه قراءةُ عاصم عن زِرّ عنه، وفيهما المعوذتان والفاتحة. فما قال الشيخ ابنُ حجر في شرح صحيح البخاري: إنه قد صحّ عن ابن مسعود إنكارُ ذلك، باطلٌ لا يلتفت إليه، والذي صَحّ عنه ما روى أحمد، وابنُ حِبان أنه كان لا يكتب المعوّذتين في مُصْحفه، ثُم إنه كان يَقْتدي في كل شهر رمضان في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صلاة التراويحِ، والإِمام يقرأهما، ولم يُنْكر عليه قَطّ، فَنِسبةُ الإِنكار غَلَط، وهذا شاهِدٌ قوي على عدم الصحة. ثم إنَّ سند عاصم هكذا: أنه قرأ على أبي عبد الرحمن عبد الله بن حبيب، وقرأ على أبي مريم زِرّ بن حُبيش الأسدي، وعلى سعيد بن عَيّاش الشيباني، وقرأ =

<<  <  ج: ص:  >  >>