يحتاج إلى تجريد النصِّ عن خصوصيات المورد، لِيَعُمَّ حكمُه، فإذا نَظَرَ في علَّة الحكم عَمَّ حكمُهُ، لكنه من خارج. فكأنَّ الحاكمَ في التنقيح هو النصُّ، والحاكمَ في القياس هو الإِلحاقُ، فإن التعليلَ لأجل الإِلحاق لا غير. ومن ههنا ظَهَرَ السِّرُّ في كون التنقيح أقوى.
ثم اعلم أن اللَّهَ سبحانه ذَمَّ الظَّنَّ لمعنًى آخر، وهو أن الظَّنَّ المذمومَ هو إيجادُ الشيء من جانبه بدون نظرٍ في الخارج. والعلمُ هو ما يُتَلَقَّى من الخارج، فإِذا تفحَّصت عن الواقع، ثم عَلِمْتَ أنه على تلك الصفة مثلًا، فذلك هو العلمُ. وأمَّا إذا جَلَسْتَ على أَرِيكَتِكَ مطمئنًا، ولم تُتْعِبْ نفسك، ثم جعلتَ تَحْكي عن الواقع تخمينًا لا غير، فذلك هو الظَّنُّ المذمومُ. وإلَّا فأكثرُ علومنا من قبيل الظنون لا غير.
٤ - باب الاِقْتِدَاءِ بِأَفْعَالِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم -
٧٢٩٨ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - قَالَ اتَّخَذَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ فَاتَّخَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «إِنِّى اتَّخَذْتُ خَاتَمًا مِنْ ذَهَبٍ». فَنَبَذَهُ وَقَالَ «إِنِّى لَنْ أَلْبَسَهُ أَبَدًا» فَنَبَذَ النَّاسُ خَوَاتِيمَهُمْ. أطرافه ٥٨٦٥، ٥٨٦٦، ٥٨٦٧، ٥٨٧٣، ٥٨٧٦، ٦٦٥١ - تحفة ٧١٦١
دَخَلَ في بيان حكم أفعال رسول الله صلى الله عليه وسلّم بعد الفراغ عن بيان حكم أقواله عليه الصَّلاة والسَّلام.
والغُلُوُّ في البِدَع: بأن يُحْرَمَ عن العمل بالسُّنَّةِ، فجعل يَخْتَرِعُ البِدَعَ لِيَعْمَلَ بها.