١٤٤٥ - قوله:(ليمسك عن الشر) يعني إن عَجَزَ أن يأتي بصدقة وُجُودية، فلا يعجِزُ عن سلبية، وفيه تنزيل من فن البديع، كما في قوله:
*وخيل قد دلفت لهم بخيل ... تحية بينهم ضربٌ وجيعُ
ليس فيه تشبيه الضرب الوجيع بالسلام، بل فيه تنزيله مكان السلام، وعليه قوله صلى الله عليه وسلّم «منْ لم يتغن بالقرآنِ فليس مِنَّا»، يعني مَنْ لم يجعل القرآنَ مكان غنائه، فهو كذا، فينبغي للإِنسان أن يريحَ قلبَهُ بالقرآن، مكان الغناء، فإنَّ من سجية الإِنسان أنه إذا ضَجِر يُسلي همومَه بنحو الغناء، فعلَّمَه الشرعُ أن الذي يَليقُ به أن يطلبَ سكون قلبِهِ وراحته من القرآن، مكان الغناء، وسمَّاه بعضهم ادّعاءً، وليس بجيد، ولو سَمَّاه قيام الشيء مَقَام غيره لكان أدلّ على مُرَاده.
١٤٤٦ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنَا أَبُو شِهَابٍ عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ بُعِثَ إِلَى نُسَيْبَةَ الأَنْصَارِيَّةِ بِشَاةٍ فَأَرْسَلَتْ إِلَى عَائِشَةَ - رضى الله عنها - مِنْهَا فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - «عِنْدَكُمْ شَىْءٌ». فَقُلْتُ لَا إِلَاّ مَا أَرْسَلَتْ بِهِ نُسَيْبَةُ مِنْ تِلْكَ الشَّاةِ فَقَالَ «هَاتِ فَقَدْ بَلَغَتْ مَحِلَّهَا». طرفاه ١٤٩٤، ٢٥٧٩ - تحفة ١٨١٢٥
قوله:(ومن أعطى شاة) ... إلخ، إنما ذكرها تبعًا للحديث على عادة المصنف رحمه الله، في تراجمه. وكَرِه الحنفية أن يعطيَ أحدًا قَدْر النِّصاب، وراجع تفصيله من الفقه، فقد بلغت مَحِلَّها، فهو على وزان قوله تعالى:{حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ}[البقرة: ١٩٦] يعني أن تلك الشاة قد قطعت المسافة التي وجبتْ لها.
وحاصله: أنك أديتَ زكاتَه، وما جاء قبلنا فهو هدية. وفيه دليلٌ على أنَّ تبدلَ المِلك يُوجبُ تبدل العين، ولكنه ليس بمطَّردٍ، وفيه استثناء. ففي «البداية» من البيوع الفاسدة: أن المشتري لو ربح بالمبيع في البيع الفاسد لا يَطيبُ له نفعه، بخلافِ البائع فيما ربح في الثمن، فإِنه يطيب له، ثم ذكر الفرق بينهما. وراجع ترجمة الشاه ولي الله «للموطأ» من البيوع، فإنه حرَّر