ولم يَذْهَب إليه أحدٌ من الأئمة الأربعة، وإنما ترجم به البخاريُّ، تَبَعًا للحديث. ووضع حرف الاستفهام، كأنه لا يَحْمِلُهُ على نفسه، ويوجِّه الناظرَ إليه.
قوله:(ويُرْوَى عن الحسن) ... إلخ، والمصنِّفُ مرَّضَه، مع أن الحديثَ صحيحٌ في الخارج.
لم يَذْهَب إلى الإِفطار من الحِجَامة أحدٌ من الأئمة غير أحمد، فقيل: معنى قوله: «أفطرَ الحَاجِمُ والمَحْجُومُ»: أي كادا أن يُفْطِرَا. أمَّا الحاجمُ، فلخوف دخول الدم في جوفه. وأمَّا المحجوم، فلضَعْفِهِ. وأجاب عنه الطحاويُّ: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلّم رأى رجلين يَغْتَابَان، فقال:«أفطر الحاجمُ والمحجومُ»، وذلك لأجل الغيبة، وهي أَكْلُ اللحم بالنصِّ. وإنما عبَّر عنهم بالحاجم، لكونهما يَفْعَلان الحِجَامة ساعتئذٍ، فكان وصفًا عنوانيًا لهما، لا أنها كانت عِلَّةً للحكم.
وهذا كما تقول: فَسَدَت صلاةُ هذا الفاسق، لا تُرِيدُ أنها فَسَدَت لفِسْقِهِ، بل الفِسْقُ عنوانٌ له، أمَّا فسادُ صلاته، فبأمرٍ ارتكبه في خلال صلاته. وكذلك فيما نحن فيه، أن الرجلين لمَّا كانا مَشْغُولَيْن في الحِجَامة، وكانا يَغْتَابَان، قال لهما النبيُّ صلى الله عليه وسلّم «أفطر الحاجمُ والمحجومُ»، فلا يَدُلُّ على أن عِلَّةَ الحكم هو الحِجَامة. نعم لمَّا حَذَفَ السببَ المذكورَ من صدره تُوُهِّمَ أنه كُلِّيةٌ، مع أنه كان واقعةً جزئيةً، والمناط فيها ما قلنا، دون الحِجَامة.
قلتُ: الرواية التي تَدُلُّ على كونها واقعةً ضعيفةٌ جدًا. وفي البخاريِّ عن أنس أنه سُئِلَ: