للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

التَّشبيه في العدد (١) فقط، لناسب أن يُحِيل على صلاةٍ صَلاها في الكُسوف، فَتَرْكُ الأَقْرَبِ والإِحالةُ على الأَبعد دليلٌ على أنه أَرادَ به وَحْدَة الرُّكوع أيضًا.

أما الخُطبة فإنها ليست من السُّنَّةِ عندنا، وهي من سُنَّة الصلاةِ عند أبي يوسف رحمه الله تعالى وأما خُطبة النبيِّ صلى الله عليه وسلّم عندنا فكانت لأجْلِ الحاجة. وراجع لأدلة الحنفية «شَرْحَ العيني»، والطحاوي و «الجَوْهر النَّقِي».

٢ - باب الصَّدَقَةِ فِى الْكُسُوفِ

١٠٤٤ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ خَسَفَتِ الشَّمْسُ فِى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَصَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِالنَّاسِ، فَقَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ، ثُمَّ قَامَ فَأَطَالَ الْقِيَامَ وَهْوَ دُونَ الْقِيَامِ الأَوَّلِ، ثُمَّ رَكَعَ فَأَطَالَ الرُّكُوعَ، وَهْوَ دُونَ الرُّكُوعِ الأَوَّلِ، ثُمَّ سَجَدَ فَأَطَالَ السُّجُودَ، ثُمَّ فَعَلَ فِى الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ مِثْلَ مَا فَعَلَ فِى الأُولَى، ثُمَّ انْصَرَفَ وَقَدِ انْجَلَتِ الشَّمْسُ، فَخَطَبَ النَّاسَ، فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ «إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيَتَانِ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ، لَا يَنْخَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلَا لِحَيَاتِهِ، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَادْعُوا اللَّهَ وَكَبِّرُوا، وَصَلُّوا وَتَصَدَّقُوا». ثُمَّ قَالَ «يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، وَاللَّهِ مَا مِنْ أَحَدٍ أَغْيَرُ مِنَ اللَّهِ أَنْ يَزْنِىَ عَبْدُهُ أَوْ تَزْنِىَ أَمَتُهُ، يَا أُمَّةَ مُحَمَّدٍ، وَاللَّهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا». أطرافه ١٠٤٦، ١٠٤٧، ١٠٥٠، ١٠٥٦، ١٠٥٨، ١٠٦٤، ١٠٦٥، ١٠٦٦، ١٢١٢، ٣٢٠٣، ٤٦٢٤، ٥٢٢١، ٦٦٣١ - تحفة ١٧١٤٨ - ٤٣/ ٢

وأخرج فيه أحاديث تدل على تَعَدُّدِ الركوع. وأما قبل ذلك فقد أخرج أربعةَ أحاديثَ ولم يخرِّج في واحدٍ منها تَعَدُّدَ الركوع كما هو نَظَر الحنفية (٢).

ثم إن الشافعيةَ رحمهم الله تعالى إذْ ذهبوا إلى تعدُّدِ الركوع اختلفوا اختلافًا شديدًا في أنه: هل يأتي بالفاتحةِ في القيام الثاني أم لا؟ وما ذلك إلا لِحُبِّهِم بإيجابها على كل مُصَلِّ في كل حالٍ مع أن الوَجْه فيه عندي أنه تُجْزِئه للقيامِ الواحد، لا أنهما قِيامان. فلا أرى ما يُثْبِت في الأحاديث أنه قرأ بالفاتحة والسوة في القيام الثاني أيضًا، كما قاله الشافعية رحمهم الله تعالى.


(١) قلت: ولما علمتُ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان ركع في صلاتِه رُكُوعَيْن، علمتُ وَجْه الإِحالة على صلاةِ الصُّبْح، فكانه أراد أن لا تُصَلوا أنتم كما رأيتم من تعدُّد الرُّكوع، لكونِ الزيادة فيها من العوارض، ولكن صَلُّوا كصلاة الصبح، فإذا تعدُّدُ الركوعِ كتحويلِ الرداء في الاستسقاء عند الحنفية. قلت: ولولا سأله سائل عن تَنَاوُله شيئا، ثُم تَكَعْكعه في تلك الصلاةِ لأمكن أن يعُدَّه عاد من سُنة الصلاةِ أيضًا، ولكنه أخبره - صلى الله عليه وسلم - عن سببهما، فتبين أنهما كانتا لعارضٍ وهكذا يمكن أن سائلًا لو سأله عن تَعدد الرُّكوع لأجابه أيضًا بِمِثْله. وبالجملة قَلَّما يعملُ الحنفيةُ بشيء لا ينكشفُ معناه، كالاضطجاع بعد الوتر، أو بعد ركعتي الفجر.
(٢) قلت: وحينئذٍ لا بأسَ أن يقال: إن البخاريَّ رحمه الله تعالى وافق فيه أبا حنيفة رحمه الله تعالى وهو صنيع البخاري في صلاةِ الخَوْف كما علمته، وكُنْتُ ذكرتُه لشيخي رحمه الله تعالى فاسْتَحْسَنَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>