٥٩٧ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ وَمُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَا حَدَّثَنَا هَمَّامٌ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ «مَنْ نَسِىَ صَلَاةً فَلْيُصَلِّ إِذَا ذَكَرَهَا، لَا كَفَّارَةَ لَهَا إِلَاّ ذَلِكَ». {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي}[طه: ١٤] قَالَ مُوسَى قَالَ هَمَّامٌ سَمِعْتُهُ يَقُولُ بَعْدُ {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} تحفة ١٣٩٩ وَقَالَ حَبَّانُ حَدَّثَنَا هَمَّامٌ حَدَّثَنَا قَتَادَةُ حَدَّثَنَا أَنَسٌ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - نَحْوَهُ. تحفة ١٣٩٩
يمكن أن يكونَ إشارةً إلى اختيار مذهب الشافعية. ويمكن أن يكونَ قولهُ:«إذا ذكرها» تَبَعًا للحديث فقط، فيجري الكلامُ فيه كما في الحديث. وفَهِمَ بحر العلوم في «الأركان الأربعة»: أن مبنى الخلاف بيننا وبين الشافعية لفظة: «إذا» فهي على ملحظِ الحنفية: شرطية، وعلى نَظَرِ الشافعية رحمهم الله تعالى: ظرفية. ولعلَّه أخذه مما ذُكِرَ في الكُتُب من الخلاف بين الإمام وصاحبيه في مسألة: إذا لم أُطَلِّقْكِ، وإن لم أُطَلِّقْكِ، حيث تطلُق في الصورة الأولى كما سكت، وفي الثانية: لا تُطْلَق حتى يموت أحدهما. وهذا عندهما. أما عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى:«فإذا» فيه «كإِن».
قالوا: إن مبنى الخلاف فيه: أن «إذا» عند الإِمام: شرطية، وعند صاحبيه: ظرفية. قلت: والفرق بين إذا الشرطية والظرفية أن الأولى للوقت المُبْهَم، والثانية للوقت المُعَيَّن. والعاملُ في الظرفية فعل الجزاء. واختُلف في الشرطية، فقيل: فعل الشرط، وقيل: كالظرفية. ومنه ظهر وجهُ الفرقِ بين المسألتين عند الصاحبين. ومبنى الخلاف عندي هو: اختلاف التفقُّه فقط. وحاصلُ الحديث عندي: إيجابُ القضاء فقط.
ولا تعرُّضَ فيه إلى مسألة الأوقات المكروهة لنجعله هادمًا أو ناسخًا لها، فمسألة الأوقات قد فَرَغَ منها الشرع في موضعها، وحرَّرها وكرَّرها حتى صَدَعَ بالنهيِّ عن الصّلاة في تلك الأوقات، ثم ذكر مسألة إيجاب القضاء. وأما قوله:«إذا ذكرها»، فمعناه على المعهودية في الأوقات، يعني إذا ذكرها في الأوقات التي هي أوقاتها عند الشرع، أمَّا إذا ذكرها في الأوقات المكروهة، فليس ذلك وقتها عند الشرع. وإنما وقت التذكُّر وقتها إذا صلاها في غير وقت الكراهة. وهذا دَأْبُ الشريعة في غير واحدٍ من المواضع: إذا فَرَغَت عن ذكر الشرائط مرةً، تَسْكُتُ عنها في سائر المواضع، وتُرْسِلُ الكلامَ اعتمادًا على تمهيدها من قبل. ومن هذا الباب: أحاديث الإيمان، وأحاديث الوعد والوعيد.
والذي يغفُلُ عن هذا يجعلُ كلَّ حديث كلِّية، ثم يقع في الخَبْطِ. فهكذا ههنا، إذا مُهِّدَت