للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٣٠٩ - قوله: (عن عَطَاءِ بن أبي رَبَاحٍ وغَيْرِهِ، يَزِيدُ بَعْضُهُمْ على بَعْضٍ، ولَمْ يُبَلِّغْهُ كُلُّهُم، رَجُلٌ وَاحِدٌ منهم، عن جابر) ... إلخ، قال الشَّارِحُون: فيه تقدير حرف: «بل» أي لم يُبَلِّغْهُ كلَّهم - بل - رَجُلٌ واحدٌ منهم. قلتُ: وتقدير حرف العطف لا يوجد في كُتُبِ النحو أصلا. فطريقُه أن يُوقَفَ على كلِّهم، ثم يُبْدَأَ من رجلٍ واحدٍ، فَيُفْهَمُ منه معنى بل. فهو مقدَّرٌ بهذا الطريق، أي لا نفهام معناه من الوقف.

قوله: (ولك ظَهْرُهُ إلى المَدِينَةِ)، وهذا الذي أقولُ: إن الظَّهْرَ في ليلة البعير لم تكن على طريق الاشتراط، بل كان عارِيَّةَ له من النبيِّ صلى الله عليه وسلّم وقد تمسَّك به البخاريُّ على جواز الاشتراط في البيع، لِمَا في بعض ألفاظه ما يُومِيءُ إليه. وإذا تبيَّنْتَ أنه كان عَاريَّةً لا شرطًا في صلب العقد، سَقَطَ الاحتجاج به. وقد مرَّ منا مِرَارًا: أن الراوي لا يُرَاعي في التعبير تخاريج المشايخ، وإنما يبني كلامَهُ على ما هو عنده في الحِسِّ والمشاهدة، وهو المُلْحَظُ عندنا في قوله: «وَّجْتُكَهَا بما مَعَكَ من القرآن»، وسيجيء تقريره في موضعه.

قوله: (إن أبي قد تُوُفِّيَ)، فيه إطلاقُ التَّوَفِّي على الشهادة (١)، ولا حَرَجَ، لأنه إذا اسْتُعْمِلَ عديلا للقتل يُسْتَعْمَلُ بمعنىً آخرَ، وإذا اسْتُعْمِلَ وحده يكون بمعنىً آخرَ. ولك أن تقولَ: إن المُكَنَّى به، والمُكَنَّى عنه يجتمعان في الكناية مِصْدَاقًا، لا مدلولا، فيكون مدلولاهما مجامعًا في الصدق، بخلاف المجاز، فإنه لا يكون فيه إلا معنىً واحدٌ. كما إذا أردت المطر من لفظ السماء، لا يتحقَّق فيه إلا معنى المطر. وإذا قلتَ: رأيتُ رجلا طويلَ النِّجَاد، على طريق الكناية، يتحقَّق فيه المُكَنَّى به، وهو طول النجاد، والمُكَنَّى عنه، أي طول القامة كلاهما، وإن اختلفا في مدلول لفظيهما. وإنما ذَكَرْنَا لك الفرق بين المجاز والكناية في عدَّة مواضع مع شيء من الإِيضاح في كل موضعٍ لتُحِيطَ به علمًا، فإن الفرقَ قد أَعْوَزَ على الفحول، ولم يتنقَّح عندهم بعد.

قوله: (وزَادَهُ قِيرَاطًا)، وفيه تصريحٌ أنه قد أعطى الثمن على حِدَة، والزيادة على حِدَة، ثم إنه ليس المراد من القِيرَاط سِكَّةً مخصوصةً، بل قدرَها من الوَرِق، فلا شيوعَ فيها.

٩ - باب وَكَالَةِ الْمَرْأَةِ الإِمَامَ فِى النِّكَاحِ

٢٣١٠ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِى حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى قَدْ وَهَبْتُ لَكَ مِنْ نَفْسِى. فَقَالَ رَجُلٌ زَوِّجْنِيهَا. قَالَ «قَدْ زَوَّجْنَاكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ». أطرافه ٥٠٢٩، ٥٠٣٠، ٥٠٨٧، ٥١٢١، ٥١٢٦، ٥١٣٢، ٥١٣٥، ٥١٤١، ٥١٤٩، ٥١٥٠، ٥٨٧١، ٧٤١٧ - تحفة ٤٧٤٢


(١) وقد وَرَدَ مثله في شهادة عمر، عند البيهقيِّ عن جابر، كما في "المشكاة" من أشراط الساعة، قال: "فُقِدَ الجرادُ في سنةٍ من سني عمر التي تُوَفِّي فيها"، الحديث بطوله.

<<  <  ج: ص:  >  >>